أصدرت القمة العادية الثالثة عشر للإتحاد الإفريقي، المنعقدة بسيرت الليبية عددا من القرارات الهامة في مقدمتها إعطاء دفع هام للاستثمار الفلاحي في البلدان الإفريقية، من أجل تحقيق التنمية الحقيقية والأمن الغذائي،وعدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، بشأن مذكرة التوقيف والتسليم التي اتخذتها في 4 مارس الماضي في حق الرئيس عمر حسن البشير، ودعم الحكومة الصومالية الانتقالية، وعدد آخر من القرارات، حول إدماج النيباد، وسلطة الإتحاد، وغيرها. انتهت القمة العادية الثالثة عشر للإتحاد الإفريقي المنعقدة بمدينة سيرت الليبية في الفترة من 1 إلى 3 جويلية الجاري إلى عدد من القرارات الهامة، من شأنها أن تسهم في خلق الإستقرار المفقود لدى كثير من الدول الإفريقية، وتهدئة الأوضاع بكثير من المناطق الإفريقية المتآكلة فيما بينها على السلطة وكراسي الحكم، إلى جانب القرارات الأخرى، المتعلقة بجوانب وقضايا أخرى، نخص بالذكر منها دعوة قادة القارة الإفريقية إلى الاهتمام بالزراعة عبر كامل أرجاء القارة، وعصرنة وتطوير هذا القطاع الاستراتيجي الهام، الذي يعد بالنسبة إلى كل دول القارة الأساس والمحرك الأول لإحداث أية تنمية حقيقية بأية دولة إفريقية، وطالب القادة في هذا الاتجاه، بمواصلة الجهود المبذولة فرديا وجماعيا، وعلى أن يتواصل تخصيص نسبة 10 بالمائة من ميزانيات كل دولة إفريقية لترقية وتطوير الزراعة داخل حدودها، وهو القرار الذي كان اتخذ في قمة سابقة للإتحاد الإفريقي، ولم تحترم تطبيقاته من قبل أغلبية الدول الإفريقية، لأسباب معلومة ، منها ما ينسب لنقص الإمكانيات والموارد المالية لدى بعض الدول، وغياب التخطيط والإستراتيجيات الزراعية المطلوبة، ومنها ما ينسب لأسباب موضوعية أخرى، تتعلق بتخلي الدول الغربية المانحة، والتنظيمات الأوروبية والدولية عن التزاماتها. ومثلما هو معلوم، فإن ما ركزت عليه قمة سيرت بالأساس هو هذا الأمر ، الذي أخذ حيزا هاما من أشغال المجلس التنفيذي للإتحاد، وقمة الرؤساء ورؤساء الحكومات، والأهداف المتوخاة منه تتمثل في خلق استثمار حقيقي فعال بقطاعات الزراعة، يوصل إفريقيا إلى تنمية حقيقية، وأمن غذائي سيادي للقارة، ولكل دولة على حدة. ومن بين أهم القرارات السيادية التي اتخذتها القمة الإفريقية، أنها امتنعت بالإجماع على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، في مسألة توقيف وتسليم الرئيس السوداني عمر حسن البشير، التي زعمت أن هذا الأخير اقترف جرائم حرب، وجرائم إنسانية بإقليم دارفور غرب السودان. وقالت القمة : أن هذا القرار تم تبنيه، بسبب عدم استجابة مجلس الأمن إلى طلب الإتحاد الإفريقي بإلغاء المتابعات القضائية ضد الرئيس السوداني. وفي هذا السياق قدمت القمة الإفريقية توضيحات حول هذا القرار، سجلت فيه انشغالها بالعواقب المحزنة التي نجمت عن اتهام البشير على مسار السلام الهش الجاري في السودان، والذي مايزال يعرقل الجهود المبذولة من أجل تسوية سريعة للنزاع في هذا البلد. ونذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت أصدرت مذكرة التوقيف والتسليم في حق الرئيس السوداني عمر البشير يوم 4 مارس الماضي، وكان لهذه المذكرة بمثابة الإهانة الكارثية الجماعية وبدون استثناء لكافة الرؤساء الأفارقة، وكل شعوب القارة، وهي في جوهرها مذكرة سياسية، تخدم التوجهات والأهداف المصلحية الإستعمارية الغربية، وهذا بالضبط ما أحست به القمة الإفريقية، وعبرت عنه بوضوح وصراحة، وقد رفضت بهذا أن يكون رؤساؤها لقمة صائغة لتحقيق أهداف استعمارية مفضوحة بهذه التي يقال عنها محكمة دولية وأمثالها من المنظمات والجمعيات الأخرى ذات الأهداف التجسسية الإستخباراتية الإستعمارية، التي لا تقيم وزنا لكرامة وسيادة الدول المستهدفة. وحسب الأصداء الأولى التي أعقبت قرار القمة، فإن عبد الله مسار مستشار الرئيس السوداني قد رحب بهذ القرار ، وقال : أن الإتحاد الإفريقي اتخذ هذا القرار عن قناعة، بأن موقف السودان صحيح، وأن المحكمة الجنائية ليست هيئة قضائية، بل سياسية، وأن القرار بداية لخروج السودان من أزمة هذه المحكمة في الفترة القادمة، وهو رسالة واضحة للعالم كله، تؤكد أن السودان غير مدان في هذه القضية الملفقة غربيا، وبمقتضى هذا القرار سيكون بوسع الرئيس التنقل عبر جميع البلدان الإفريقية. ومن بين بؤر التوتر التي بثت فيها قمة سيرت أيضا قرار دعم الحكومة الانتقالية في الصومال، وتوجيه دعوة إلى مجلس الأمن من لاتخاذ تدابير فورية، بما فيها فرض منطقة الحظر الجوي، وغلق المرافيء البحرية للحيلولة دون دخول عناصر أجنبية للصومال، ولدول الإتحاد الإفريقي من أجل إرسال العناصر العسكرية الضرورية لتمكين قوة الإتحاد الإفريقي من القيام بالمهام المنوطة به في الصومال.