المغرب : "تصالح الحكومة مع الفساد" أدت إلى استفحال الآفة في كل مفاصل المملكة    الصحراء الغربية : إدانة واسعة لمنع الاحتلال المغربي 3 برلمانيين أوروبيين من زيارة مدينة العيون المحتلة    ياسين وليد: ضرورة تكييف عروض التكوين مع متطلبات سوق العمل لكل ولاية    بوغالي يستقبل رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر    الرئيس الفلسطيني: نعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    سونلغاز : برلمان البحر الأبيض المتوسط يكرم بروما السيد عجال بجائزة التميز من أجل المتوسط    زروقي يدشن أول مركز للمهارات بسطيف    سايحي يضع حيز الخدمة مركز مكافحة السرطان بطاقة 140 سريرا بولاية الأغواط    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب    جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج    انطلاق أشغال الدورة ال 19 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بروما    تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي    استلام أغلب مشاريع التهيئة والترميم الجارية حاليا بقصبة الجزائر "نهاية هذه السنة وخلال سنة 2026"    عطاف يجري بجوهانسبرغ محادثات ثنائية مع نظيره الروسي    إنقاذ 221 حرّاقاً بسواحل الجزائر    بن طالب.. قصة ملهمة    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    تردي متزايد لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب    الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يجدد مبادرة خفض الأسعار في رمضان    شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية    بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة    انطلاق أشغال الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة العشرين بمشاركة الجزائر    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    الجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير تندد بالمواقف الفرنسية المعادية للجزائر    كأس الكونفدرالية: رضواني و بلقاسمي (اتحاد الجزائر) و ديب (ش.قسنطينة) في التشكيلة المثالية لدور المجموعات    لجنة مكلفة بتحضير سيناريو فيلم الأمير عبد القادر في زيارة لولاية معسكر    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    أمطار مرتقبة في عدّة ولايات    مبارتان للخضر في مارس    مباحثات بين سوناطراك وشيفرون    الشركة الجزائرية للتأمين اعتمدت خارطة طريق للرقمنة    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    خنشلة: الأمن الحضري الخارجي المحمل توقيف أشخاص في قضيتي سرقة وحيازة كحول    الرئيس تبون ينهي مهام والي غليزان    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    مضوي غير راض عن التعادل أمام الشلف    قمة بأهداف صدامية بين "الوفاق" و"الشباب"    توقُّع إنتاج كميات معتبرة من الخضروات خلال رمضان    احتفالات بألوان التنمية    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    مشاريع تنموية واعدة في 2025    دعوة لإنشاء منظمات عربية لرعاية اللاجئين    تتويج "الساقية ".. بجائزة كلثوم لأحسن عرض متكامل    هذا ما يجب على مريض السكري التقيُّد به    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    الزيارة تستدعي الإدانة كونها استخفاف بالشرعية الدولية    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الأمن عاد وقطار التنمية لم يصل بعد"
سيدي بلعباس•• الولاية التي عانت الإرهاب وتنتظر الخروج من قوقعة التخلف
نشر في الفجر يوم 15 - 02 - 2009

"الفجر" زارت الولاية وحاولت الوقوف على المأساة التي عاشها مواطنوها ومسؤولوها بالأمس وتحدثت معهم عن واقعهم بعد الخروج من النفق المظلم، على حد تعبير عمي جلول، أحد مجاهدي وشيوخ الولاية، حيث اخترنا أن تكون جولتنا إلى ثلاث دوائر تعد من أكثر الدوائر تضررا، هي: تنيرة، تلاغ ودائرة مرين•
دائرة تنيرة••• "الحمد لله•• الحمد لله انتهى ذلك الكابوس المزعج والإرهاب الآن في خبر كان"
وجهتنا الأولى كانت دائرة تنيرة، التي تبعد بحوالي 20 كيلومترا إلى الجنوب من عاصمة الولاية سيدي بلعباس، والتي سمعنا كثيرا عن معاناتها خلال العشرية السوداء، كان اليوم دافئا والطريق ممتدة وسط الحقول الخضراء، دخلنا تنيرة، وجدناها هادئة هدوء سكانها، الحركة بالشوارع كانت محتشمة والمقاهي تعج بالمواطنين، كانت النظرات الفضولية تترقب السيارة التي كنا نقلها والتي كانت تحمل ترقيم العاصمة، توقفنا عند أحد المقاهي والعيون تحدق بالمصور الذي أخذ يلتقط صورا للشارع الرئيسي للبلدية، أشرنا على شاب بأننا نريد التحدث معه؛ إذ وبمجرد أن كشفنا له عن هويتنا وأخبرناه بما نريده منه حتى ظهرت ابتسامة عريضة على وجهه، قال: "مرحبا بكم اسألوا ما شئتم"• سألنا الشاب كريم عن الوضع الذي عاشته البلدية خلال سنوات الجمر وما عانته من همجية الإرهاب•• سكت قليلا وتطلع إلى الأفق وكأنه يستحضر تلك الأيام المشؤومة وقال: "ما عساي أقول، لقد عايشنا الجحيم لسنوات•• همجية الإرهاب فاقت كل التصورات وكنا نعيش وضعا أشبه بالحصار، الحواجز المزيفة تملأ المسالك والطرقات، الاغتيالات والاختطافات خاصة أعوان الدولة، لا حركة في البلدية بعد السادسة مساء"•• بعدها يأخذ نفسا عميقا ويستأنف كلامه: "الحمد لله، الحمد لله انتهى ذلك الكابوس المزعج، الإرهاب الآن في خبر كان، إننا نتطلع لحياة أفضل ولتنمية شاملة في بلديتنا التي عانت الكثير من ويلات الإرهاب الأعمى"•
سكان هجروا مزارعهم وآخرون تمسكوا بأرضهم وتحدوا الإرهاب
تركنا الشاب كريم وتوجهنا إلى مقر الدائرة، أخبرنا الحارس بأننا نريد مقابلة رئيس الدائرة، فرد علينا بأنه غير موجود، لكن الأمين العام موجود•• بعد الاستئذان• استقبلنا الأمين العام للدائرة، وجلب لنا حلويات وكؤوسا من الشاي والقهوة، أخبرناه بمرادنا، فرد مباشرة وبعفوية: "شا باغي نقولكم •• بلعباس فاع راها غاية"، الإرهاب أخرنا سنوات إلى الوراء، كنا شبه محاصرين، بعض القرى والمداشر هجرها السكان، فمثلا دوار المالح الفوقاني غادره السكان عن آخره وتركوا كل شيء وراءهم وفروا بجلودهم من بطش الجماعات الدموية، لكن رغم ذلك فهناك من كانت إرادته أقوى وتمسك بأرضه ومزارعه وتحدى الإرهاب، كما هو الشأن بدوار سيدي أحمد وكوانين••واليوم الحمد لله فمنذ قرابة ثماني سنوات زال الخوف والفزع تماما عن السكان وأغلب المزارعين عادوا إلى أرضهم، حيث تم تسجيل ما يفوق 1500 ما بين إعانة ترميم وبناء سكن ريفي واليوم أصبحنا نتنقل بكل حرية وقت ما شئنا ليلا ونهارا"• وتشير الأرقام التي تحصلنا عليها من ولاية سيدي بلعباس والخاصة بعودة المواطنين الذين هجروا بيوتهم ومزارعهم على مستوى دائرة تنيرة من سنة 2000 إلى غاية 2007، إلى عودة 1237 شخص يمثلون 253 عائلة استفادت من مشاريع أمنية إدارية واجتماعية، إضافة إلى مختلف الإعانات التي شملت بناء وترميم السكنات الريفية، بلغ عددها 369 مشروع بكلفة إجمالية بلغت 120 مليون دينار•
سياسة نقل الرعب إلى السكان لم تفلح
بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث مع الأمين العام للدائرة، دخل علينا النائب الثاني بالبلدية، السيد حبيبش محمد، الذي سمع خبر وجودنا لتوه، وبدوره رحب بنا وأخذ يروي بعضا من الذي عاشته البلدية• "•• كنت أنا رفقة خمسة من أبناء البلدية أول من حمل السلاح في وجه الجماعات الإرهابية العام 1994، بعد أن تجاوز عدد ضحايا الاغتيالات والحواجز المزيفة عشرة ضحايا، وخاصة بعد أن حاولت الجماعات المسلحة نقل الرعب إلى السكان ومحاولة إجبارهم على الالتحاق بها من خلال اغتيال رعايا فرنسيين بوادي تليلات في وهران وقامت برميهم في مدخل البلدية، حتى الطبيب لم يكن موجودا وكنا نتلقى الفحوص عند طبيب الجيش الوطني الشعبي حل بالبلدية عام 1995 •• واليوم الحمد لله فقد عاد الأمن والأمان إلى البلدية وإلى ربوع الولاية كذلك، والفلاحون عادوا إلى أرضهم والمزارع تنتج ما لذ وطاب"•
دائرة تلاغ•• من هنا مر قادة بن شيحة وأتباعه من جماعة "حماة السلفية"
تركنا بلدية تنيرة الهادئة والبسيطة، وتوجهنا إلى دائرة تلاغ التي تبعد عن مقر الولاية بحوالي 50 كيلومترا إلى الجنوب على الطريق الوطني رقم 13•• بين الفينة والأخرى ترى المزارعين منهمكين في العمل بمزارعهم على جنبات الطريق أين تمتد الحقول على مد البصر• وصلنا إلى دائرة تلاغ، كانت الساعة تشير حينها إلى منتصف النهار، الشوارع كانت تعج بالحركة والحياة تبدو عادية جدا، قصدنا أحد المقاهي فوجدنا شيخا يرتدي "قشابية" تقليدية، وقد بلغ من الكبر عتيا، أخبرناه بما نريده، فرد قائلا: "وليدي كنا في نفق مظلم والآن الحمد لله خرجنا منه وإن شاء الله بلا رجعة"• ثم قال الشيخ المعروف في تلاغ ب "عمي جلول": "أنا مجاهد كافحت ضد الاستعمار الفرنسي لسبع سنوات وقاومت الإرهاب لسبع سنوات ومازلنا واقفين"، بالرغم من الاغتيالات العديدة التي طالت مجاهدي المنطقة• بعدها أدرك أحد الشباب بأننا صحافيون، فتقدم إلينا بعد أن سمع بعضا مما دار بيننا وبين عمي جلول، وقال: "أنا أدعى عبد الهادي، أعمل بمصلحة الضرائب بتلاغ، كنت ضحية الإرهابي قادة بن شيحة وجماعته، لقد اختطفونا ل 12 ساعة في مارس 1996 لما كنت عائدا من مدينة تلمسان على متن القطار، وتعرضنا للضرب والتعذيب على يد الإرهابيين، الذين عاثوا في مدينة تلاغ فسادا، فأحرقوا مصنع إنتاج أجهزة التلفزيون واغتالوا مديره واستهدفوا حي الشرطة في العام 1997، واغتالوا أستاذا بإكمالية بركات داود أمام أعين تلاميذه•• لقد كان هناك حوالي 300 إرهابي يتجولون بكل حرية وفي وضح النهار داخل المدينة، وقلة قليلة من السكان كانوا يبيتون في منازلهم•• واليوم أنتم تشاهدون بأم أعينكم كيف صار الوضع، فالحياة أضحت عادية في المدينة وأغلب السكان الذين هجروها هربا من بطش الإرهاب، عادوا إلى قراهم ومداشرهم، حيث تفيد أرقام الولاية بعودة نحو 40 عائلة إلى مناطقها والتي استفادت من 103 مشاريع بين أمنية، اجتماعية، إدارية وإعانات بتكلفة بلغت 125 مليون دينار•
الأمن استتب، لكن التنمية مازالت معطلة
"أين قطار التنمية؟ لقد استتب الأمن ولم يصل قطار التنمية" هو تساؤل الشاب عبد الهادي، الذي قال إنه بالرغم من رجوع الحياة إلى مدينة تلاغ، إلا أن التنمية مازالت ضعيفة، يجب أن تستغل فرصة رجوع الأمن لبعث حقيقي للتنمية، صحيح أن المنطقة فلاحية بالدرجة الأولى، لكن هذا ليس مانعا من أن تكون هناك مشاريع صناعية لشباب الدائرة وما جاورها، الذين يعانون من بطالة خانقة، فالفلاحة لا يمكنها أن تمتص وحدها كل اليد العاملة، الدولة تضخ المبالغ المالية، لكن مفعولها بطيء الظهور، وأبسط الأمور الاجتماعية والرياضية منعدمة كالمركز الثقافي أو ملعب رياضي بمواصفات مقبولة•
دائرة مرين•• ضحية الصراعات بين الجماعات الإرهابية
غادرنا مدينة تلاغ وتوجهنا صوب دائرة مرين، التي تبعد بحوالي 15 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة تلاغ وغير بعيدة عن غابة زفلة، التي تمتد عبر ثلاث ولايات هي سعيدة، سيدي بلعباس وتلمسان•• دخلنا مقر البلدية، فوجدنا رئيسها، السيد خليفة عبوب في انتظارنا بعد أن تلقى مكالمة من بلدية تنيرة تخبره بقدومنا، ومباشرة دخلنا في الموضوع ومن دون مقدمات• "مرين كانت ضحية لصراعات الجماعات الإرهابية" هذا أول ما قاله رئيس البلدية، جماعة قادة بن شيحة من جهة وجماعة الأمير عقال من جهة أخرى، وكثيرا ما كانت تحدث اشتباكات بين الجماعتين تجاوز عدد القتلى في إحداها 60 قتيلا، حيث فرضت حصارا كليا على البلدية وحتى المصالح الإدارية تم نقلها إلى دائرة تلاغ، وكان التزود بالمواد الغذائية والطبية يتم مرة في الأسبوع عندما يتحرك الجيش وحتى المواطنين يتنقلون مرة في الأسبوع ومع قوافل الجيش الوطني الشعبي كذلك• والمئات من العائلات هجرت منازلها ومزارعها؛ حيث تم إحصاء قرابة 550 عائلة هجرت عاد منها إلى غاية 2007 قرابة 300 عائلة في مختلف قرى ومداشر الدائرة بمشاريع أمنية، إدارية واجتماعية، بلغت 64 مشروعا، منها بناء 85 مسكنا ريفيا وثانوية ومركب رياضي ومقر للأمن الحضري وعودة الإنتاج لحوالي 8000 هكتار من الأراضي الفلاحية، بكلفة إجمالية بلغت 110 ملايين دينار•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.