يقوم اليوم أكثر من 1500 حرفي في مجال الصناعات التقليدية والحرف عبر مختلف ولايات الوطن باحتجاجات واسعة، وذلك بعد إقصائهم المباشر من قانون الصفقات العمومية الذي أصبح يوجه إلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة بعيدا عن الحرفيين، الذين وجدوا أنفسهم مقيدين للعمل عندهم كعمال أجراء فقط دون استفادتهم من الصفقات والمشاريع التابعة لقطاعهم• يحدث هذا - حسب ما صرح به العديد من الحرفيين - رغم أن الحمل الثقيل في إنجاز مشاريع الصفقات يعود إلى الحرفيين، الذين يعانون من سياسة الإقصاء والتهميش لإبراز مواهبهم الفنية وإمكانياتهم العملية، خاصة في مجال حرف الخدمات والعمارة، حيث تضم أزيد من 30 حرفة، بما فيها الطلاء والكهرباء والصيانة والتبليط وكل أشغال إنجاز العمارات، بعدما وجد الحرفيون أنفسهم يشتغلون طيلة مشوارهم المهني كعمال بسطاء فقط دون ترقية مهامهم، حيث أنهم يتقاضون في ذلك أجورا زهيدة لا تساوي الجهد المبذول في العديد من الأشغال، بالرغم من المهام الكبيرة التي يبذلونها والتي تذهب عائداتها إلى الموالين من أصحاب الصفقات• من جهتهم، طالب العديد من الحرفيين بوهران بضرورة إعادة الاعتبار لهذه الفئة من أجل إبراز إبداعاتهم وكذا لإعادة الاعتبار للمهنة والحرفة التي تعاني التهميش من قبل المسؤولين والجهات الوصية والتي انجر عنها نزيف خطير في الحرفيين الذين غادروا القطاع وقاموا بتغيير نشاطهم إلى مجالات مهنية أخرى، وهذا على مستوى كل ولايات الغرب وكذا الوطن• في ذات السياق، سجلت الفرقة الجهوية لوهران وعين تموشنت، من سنة 1998 إلى غاية 31 أكتوبر 2008، شطب 2212 حرفي منهم 92 حرفيا بغرفة عين تموشنت و2120 بغرفة وهران، أغلبيتهم في غرفة الصناعة التقليدية للخدمات، حيث شطبت 1223 حرفي، منهم 1166 حرفي بوهران و57 حرفيا بولاية عين تموشنت• وشطبت أيضا 16 تعاونية حرفية في الصناعة التقليدية لإنتاج المواد و849 حرفي فردي في ذات القطاع، كما تم شطب 153 حرفي آخر من جانفي 2008 إلى غاية 31 ديسمبر الفارط، منهم 130 حرفي بوهران و21 حرفيا بولاية عين تموشنت، ناهيك عن غرف الولايات الأخرى التي تعرف هجرة جماعية من القطاع، منها 121 حرفي في الصناعة التقليدية الفنية• وهو ما بات يشكل خطرا كبيرا على مستقبل المهنة، التي أصبحت مهددة بالانقراض بعد مغادرة الحرفيين الواحد تلو الآخر أمام غياب التحفيزات لممارسة هذا النشاط التقليدي، خاصة في ظل الارتفاع الكبير للرسومات الضريبية مقارنة بالعائدات القليلة للنشاط، إلى جانب التكاليف الباهظة للاشتراك في الصندوق الوطني لغير الأجراء وكذا غلاء المادة الأولية وغياب فضاءات لعرض منتجات الحرفيين• إلى جانب ذلك، يشكو الحرفيون بوهران من المنافسة القوية وغير الشرعية للمنتوجات الأجنبية، التي أصبحت تغزو الأسواق المحلية، خاصة منها السورية والخليجية والصينية والتي تجد تسهيلات كبيرة في إدخالها إلى أرض الوطن، في غياب الرقابة لوضع حد لتلك المنتوجات ولتسويقها محليا، والتي تبقى أغلبيتها مكدسة بالمحلات وذلك مازاد من تعفن الوضع وتدهور نشاط المهنة للصناعات التقليدية والحرف• رصد 4•2 مليار دينار لدعم القطاع وأكد في هذا الصدد مدير الغرفة الجهوية لوهران، السيد بلعيدوني، رصد وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية والحرف غلاف مالي يقدر ب 4•2 مليار دج، لدعم نشاطات الصناعة التقليدية ولتمويل شراء تجهيزات للحرفيين لإعادة الاعتبار للمهنة التي أصبحت مهددة بالزوال في العديد من المواقع بولايات الوطن، كما أن هذه الميزانية من شأنها التكفل بالجانب المهني، خاصة صناعة الزرابي وكذا النقش على الخشب والفضة والتي أصبحت تسجل تراجعا في القطاع، وذلك من أجل إعادة إحياء هذه المهن وتشجيع الحرفيين على ممارستها من جديد وهذا فضلا أن الصندوق الوطني لدعم النشاطات الصناعية التقليدية والذي صبت فيه تلك الميزانية، من شأنه أن يدعم أيضا الجانب التمهيني، بحيث يمنح للحرفي المعلم إعانة مالية شهرية للتكفل بالممتهنين•