عن ظاهرة الأدب الديني، نقلت وكالة الأنباء الألمانيّة تحقيقا أفردته صحيفة ''هاآرتس'' الإسرائيليّة، توجهت بالسؤال فيه إلى كتاب ما يعرف بالأدب الديني ''وهم خريجو اليشيفات أو المعاهد الدينية'' أو ناشريه. وبدأت بالقول إنه قبل عشر سنوات كان السرد أمرا نادرا للغاية بين المتدينين اليهود،( الدولة قائمة كلها على فكرة الدين، كما ينبغي التذكير من حين لآخر). وكذلك الشباب المتدينون لم يكونوا يطلعون إلا على القليل جدا من الأدب العلماني، ولكن مؤخرا فقط ظهرت إلى النور روايات مثل ''مياه بلا نهاية'' لميخائيل شاينبيلد أو ''فندق للضيوف في الصحراء'' لجيليت حومسكي، الصادران عن دار ''يديعوت سفاريم''. بالإضافة إلى كتابين صدرا هذا العام: واحد بعنوان ''تسبلين'' لتامار فايس، والآخر هو ''العرض الخفي'' لأوري آلون، والذي فاز بجائزة رئيس الوزراء للإبداع. يمكن كذلك إحصاء عدد من الأعمال، مثل ''غريزة الأرض'' لسهارا بلاو، و''الرب لا يسمح'' لحانوخ داوم، و''حاخام السيرك'' ليائير حسديئيل. وسوف ينشر هذا العام أيضا كتاب عاسائيل لوفوتسكي، والذي يدور حول ضابط في لواء جولاني يصاب في حرب لبنان الثانية. هذه الأعمال في الغالب لا تذكر في قوائم أعلى المبيعات، على الرغم من أن بعضها يحظى بنجاح تجاري جيد، وبالأساس بين المتدينين. خاصة إذا علمنا أن المتدينين اليهود لا يفتحون التلفزيون ولا يسافرون يوم السبت، وثقافة القراءة لديهم أكبر بما لا يقاس مما هي عند العلمانيين اليهود. المتدينون يخافون الكلمة المكتوبة حدّ التقديس وحسب ذات التقرير، بدأت موجة النثر الديني الحالي منذ ما يقرب من عشر سنوات مع كتب الحاخام حاييم سابتو، وعلى رأسها ''تنسيق النوايا''، والذي فاز بجائزة سبير للأدب عام 2000 وبيع منه حتى الآن نحو 60 ألف نسخة. ويبدو أن سابتو شق الطريق لتلاميذه وللشباب المتدينين وأوجد شرعية للقراءة ولكتابة الكتب التي ليست بالضرورة كتبا مقدسة أو تأملات في الفكر اليهودي. يضيف إيخنولد: ".. سابقا كان المتدينون يخافون الكلمة المكتوبة لدرجة التقديس. هكذا خاف الشباب من كتابة النثر، كان هذا عائقا. ولكن عندما تقوم بهذا سلطة دينية معروفة ومحترمة مثل سابتو، فهو يفتح الباب أمام الجميع''. يضرب التحقيق مثلا بشاينبيلد، والذي يقيم في القدس ويقوم بالتدريس في يشيفا ثانوية، وفيها لا يعرف الطلبة إلا القليل من الأعمال الإبداعية، مثل أشعار يهوذا اللاوي، قصائد حاييم نحمان بيالك، وعلى الأكثر عجنون. غير أنه لم يلتق هناك بأدباء على غرار دافيد جروسمان أبدا على سبيل المثال. يضيف: ''ذات يوم كان المتدين في الأدب العبري هو الشخص العجوز محني الظهر، أما مسلسل مثل ''سروجيم'' فقد أسهم في تغيير هذه الصورة. السؤال هو ما الذي أعاق الكتابة الأدبية عند المتدينين حتى الآن؟ المجتمع الديني هو مجتمع له حدود، هناك أوامر ونواه. والإبداع كثيرا ما يتم النظر إليه كمكان ينبغي الوصول إليه وأنت متخلص من قيودك، وبالنسبة لشخص يعيش في مجتمع له حدود فهذا أمر صعب للغاية. المجتمع الديني هو مجتمع مغلق أيضا، وإذا كتبت فإن الجميع يقرؤونك ويعرفونك ويعرفون عالمك''. الإكزوتيكا بديل للإيروتيكا الأدبية الأدب الديني ولد على ثلاث مراحل، الأولى كانت من خلال كاتبات مثل يوخي براندس وحنا بت شاحار، اللواتي كتبن للجمهور العلماني أيضا: ''سمحت هذه الكتب بالتلصص على الحياة الأخرى للمتدينين، وكانت بمثابة نوع من التطلع الإكزوتيكي على الأجنبي''. المرحلة الثانية بدأت عندما قام بالكتابة أدباء كانوا متدينين فيما سبق ثم تحولوا إلى العلمانية، وهكذا عرفوا العالمين معا، وينتمي إليهم أدباء مثل داف ألبويم، درور بورشتاين، شمعون آداف وغيرهم: ''لم تكن كتاباتهم دينية بالضرورة، وإنما كانت تحوي لغة ثرية مع الكثير من الإحالات إلى العهد القديم والمصادر الدينية''. أما المرحلة الثالثة فهي تلك الحالية، وتضم جيلا جديدا من الأدباء المتدينين الذين يكتبون أدبا للمتدينين والعلمانيين على حد سواء . إحدى السمات المميزة لهذه الكتابة - حسب التحقيق - هي غياب الإيروتيكا، أو وجودها بشكل حذر وموجز. أدباء آخرون يؤكدون على أنهم يكتبون عن البشر وليس عن العالم الديني. تقول بلاو: ''عندما كتبت ''غريزة الأرض'' تطرقت إلى تدين بطلتي كأنما الحديث عن معلومة موجودة في المسودة، لم أتوقف عندها. لذا فأنا لا أصف الواقع الديني أمام القارئ غير العارف.. التدين بديهي وموجود بين السطور، ولهذا فائدتان: القراء المتدينون يمكنهم الإحساس براحة كأنهم في بيتهم، والقراء العلمانيون يمكنهم التماهي مع الشخصيات، والذي هم في النهاية بشر''.