دق الأساتذة والباحثون المشاركون في الملتقى الدولي حول مجتمع المخاطرة بجامعة جيجل ناقوس الخطر الذي يهدد النسق الإجتماعي الجزائري، جراء التفشي الرهيب لمختلف الظواهر الإجتماعية المعنفة كالإغتصاب، العنف ضد القصر والأهل، والإعتداءات الجنسية ضد الأطفال، والإختطافات وغيرها كشف الأساتذة المحاضرون سواء من جامعات الوطن أو الجامعات الأجنبية بأن أزيد من 250 مليون طفل في العالم معرضون سنويا لمختلف التعنيفات العائلية، وأنهم مهيؤون نفسيا لتعاطي المخدرات والكحول والتسول وغيرها، في حين تفيد الإحصائيات بأن 218 مليون طفل سنويا يدخلون عالم العمل، أما في الوطن العربي فإن 74 مليون شخص يعيشون تحت عتبة الفقر، وهو الرقم الذي يقوم أفراده بمختلف الجرائم يوميا• كشفت الأستاذة ولد غويل خليدة، من جامعة البليدة، في مداخلة حول واقع اغتصاب الأطفال في المجتمع الجزائري بأن هذه الظاهرة في انتشار خطير وتزايد مستمر على اعتبار أن مصالح الدرك الوطني سجلت السنة الماضية فقط 893 اعتداء جنسيا ضد الأطفال، وهو رقم بعيد جدا عن الواقع نظرا لرفض المئات من العائلات التبليغ عن مثل هذه الجرائم تفاديا للعار والفضيحة، كما قالت الأستاذة إن هناك 6841 ضحية اعتداء جنسي خلال السنوات الستة الماضية، أي ما يعادل ألف ضحية اعتداء جنسي سنويا من بينهم 4835 قاصر• 50 بالمائة من الثانويين يتداولون صورا اباحية عبر هواتفهم وأرجعت ذات المتدخلة العوامل المتسببة في انتشار هاته الظاهرة إلى غياب سياسة وقائية عميقة، والكبت النفسي والعاطفي والإنحلال الخلقي، وإنتشار القنوات الإباحية والمواقع الإباحية عبر الأنترنت، وكذلك الصور ومقاطع الفيديو الإباحية عبر الهواتف النقالة•• حيث هناك أزيد من 50 بالمائة من تلاميذ الثانويات يتداولون صورا إباحية عبر هواتفهم النقالة، والمشاكل الإجتماعية والكحول، وتعرض المعتدي للإغتصاب عند طفولته، والعنف الأسري، ونقص الوازع الديني والتوعية والتوجيه، وخاصة ما تعلق بالتربية الجنسية، ونقص الإهتمام بالشباب للترويح عن المكنونات•• مع تناول الصحف الجزائرية لأحداث الإغتصاب بتفاصيل دقيقة دون النظر في العواقب الوخيمة• ودعت إلى ضرورة الإعتماد على دراسات سوسيولوجية أكاديمية دقيقة للكشف عن أسبابها الفعلية وحصر إنعكاساتها على الأفراد، وذلك بالتعاون بين كل مؤسسات المجتمع• كما تطرق البروفيسور، مونيكس درسن، من جامعة '' ليل'' الفرنسية إلى جوانب أخرى من واقع ظاهرة العنف، والدكتور يوسف عنصر من قسنطينة إلى طرق وسبل الحصول على مجتمع بلا عنف• وتطرقت أيضا الدكتورة دروش فاطمة فضيلة من جامعة المسيلة إلى الآليات السيوسيولوجية لتجذر العنف في المجتمع الجزائري• أما الدكتور بلعيور الطاهر، من جامعة جيجل، فقد تناول ''السلوك المضاد للمجتمع مقاربة سوسيولوجية'' والأستاذة سيساوي فضيلة إلى مداخلة تحت عنوان ''مأزق المشروع التنموي في الجزائر أوالطريق إلى العنف''• كما حلل الأستاذ بولفلفل إبراهيم عوامل المخاطرة من خلال ظاهرة الإنتحار، وتحدثت الدكتورة عميرة جويدة من جامعة الجزائر عن مميزات العنف في المدينةالجزائرية• في حين تناول الأستاذ كواهي الربيع تنمية المرأة الريفية في مجتمع المخاطرة، أما الأستاذ الدكتور دياب البدانية من جامعة عمان بالأردن فقد تناول عوامل الخطورة في البيئة الجامعية، وتطرقت أيضا الأستاذة بن يحيى سهام إلى طرق مواجهة وسائل الإعلام للعنف في المجتمع• أما الأستاذة سرار شفيقة فقد شاركت مجتمع المخاطرة والأمن الإجتماعي في الوطن العربي• وتحدث الأستاذ عباسي يزيد عن الهوية ومشكلاتها عند الشباب الجزائري، وزميله الأستاذ شهيب عادل عند العلاقة بين الثقافة والهوية• ومن جهتها تطرقت الأستاذة بولعشب حكيمة إلى تحديات الهوية الثقافية العربية في ظل العولمة• في حين دعت الأستاذ ميلاط صبرينة في مداخلة تحت عنوان ''الهوية العربية الإسلامية وتحديات العولمة'' المجتمعات العربية إلى النهوض بمشروعات حضارية تنطلق من التمسك بثوابت الأمة والتأكيد على الهوية الثقافية والدينية للعالم العربي الإسلامي• وقالت إننا بحاجة إلى تغيير شامل لواقع الأمة العربية الإسلامية تغيرا جذريا• أما الدكتور عبد المالك ورد من جامعة المولى إسماعيل مكناس بالمغرب، فقد تساءل حالة المغرب في مشروعية الحركات الإجتماعية الجديدة• فيما أوضح ضابط من المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني بالعاصمة في مداخلة له مفاهيم حول الإجرام من خلال ظاهرة العنف كمفهوم وسلوكات المخاطرة، مع فتح مفاهيم الإجرام على الجامعة وفتح أبواب المعهد للباحثين الجامعيين المتخصصين• فيما تناولت الدكتورة مقاوسي صليحة من جامعة باتنة الخلفية المعرفية لظاهرة العنف، والأستاذ حيثامة العيد إلى خلفيات العنف المسلح ونتائج المصالحة الوطنية في إرساء الأمن الإسلام، والأستاذ كوسة بوجمعة إلى البيئة النفسية للطفل وعلاقتها بالعنف، والأستاذ بوبكر هاشم إلى راهن الحركات الإجتماعية في المجتمع الجزائري، والدكتور طيبات مير إلى اهتمام الإسلام بظاهرة العنف، والأستاذة بكيري نجية إلى الحدث الصدمي واستراتيجية التدخل ما بعد الصدمة• أما الدكتور علي سموك من جامعة عنابة فقد غاص في ظاهرة العنف في المجتمع الجزائري، والذي قال بشأنها إنها مركبة ومتعددة المتغيرات، وهي ليست ظاهرة استثنائية بل يدخل العنف في صميم الوجود الفردي والإجتماعي الجزائري، وبالتالي فإن هذا الوضع يكشف حدود التسويغات الإيديولوجية وتبريراتها ''الدوغماتية''• كما خلص إلى نتيجتين هما على طرفي نقيض، ويتعلق الأول بكون المجتمع الجزائري لا يمكن أن يتغير من دون عنف، وبالتالي فإن العنف هو العدو والشر المتفشي وهو الذي يندلع بصورة تلقائية وفجائية لا علاقة لها ببنية المجتمع الجزائري وعقله• وخلص إلى فشل الباحثين في بناء نماذج نظرية للعنف في المجتمع الجزائري بناء على الدراسة الكمية للظاهرة• وكشفت رئيسة قسم علوم الإجتماع والديموغرافيا بكلية الحقوق بجامعة جيجل الأستاذة سيفاوي فضيلة، بأن هذا الملتقى الدولي في طبعته الثانية عرف مشاركة قياسية للأساتذة المحاضرين وللمشاركين الذين اكتظت بهم قاعة المحاضرات الكبرى، لا سيما أنه تم إلقاء حوالي 50 محاضرة خلال الملتقى الذي دام يومين، والذي تناول محاور العنف، الحركات الإجتماعية، والهوية، والمواطنة•