وأوضحت نفس المصادر أن تدابير مماثلة لما تقوم به تركيا وعدد من الدول المتوسطية في مجال مكافحة السوق الموازية كانت بصدد التحضير بالجزائر، إلا أن هذه التدابير لم تر النور بسبب ''اللوبيات'' المسيطرة على السوق، والتي تجني أموالا طائلة من ورائها• وقد تمثلت الإجراءات في مراقبة صارمة لكافة الهواتف التي تدخل السوق عبر تسجيل أرقامها التسلسلية التي توضع من قبل المصنع والتي يمكن أن تثبت أصلية المنتوج وعلى ضوء القوائم المعتمدة، يتم التنسيق مع المتعاملين والموزعين لضبط الهواتف المتعامل بها ومصادرة كل الهواتف التي لا يدخل في نطاق القوائم المعتمدة • إلا أن هذا الإجراء لم يكن ليخدم العديد من الأطراف، بما في ذلك المصنعين الذين يستفيدون بطريقة غير مباشرة من السوق الموازية، حيث يقدرون حصصهم في كل سوق موازي• كما يتم تحديد حصص السوق الرسمية، ناهيك عن الدور المتزايد لكل من يقف وراء شبكات تهريب الهواتف النقالة حيث أضحى حجم السوق الموازي يمثل ما بين 40 و 45 بالمائة من تجارة سوق النقال في الجزائر • سوق الجزائر يتحول إلى منفذ للمخزون القديم ويتضح بأن السوق الجزائري الذي يبقى سوق موزعين أساسا، عكس أسواق المتعاملين، عرف منذ خمس سنوات تناميا كبيرا لسوق أجهزة النقال الموازي، وعليه فإن هذه السوق غير مضبوطة بسبب تسريب المخزون الخاص بالصانعين، حيث يقوم هؤلاء بصورة دورية بالتخلص من مخزونهم ومن فائض المنتوج الذي لم يتم تسويقه إلى عدد من الدول التي تعرف تنامي سوق موازي غير مراقب، موازاة مع تخفيض قيمة المنتوج إلى حدود الكلفة أحيانا، وهو ما يفرز هواتف تسوق بنصف أسعارها الحقيقية نتيجة احتساب الرسوم والحقوق الجمركية في السوق الرسمية، فإلى جانب رسم القيمة المضافة بنسبة 17 بالمائة، فإن المنتوج يخضع لحقوق جمركية تصل إلى 5 بالمائة• وعليه فإن الهاتف المتداول في السوق الموازي يصبح تنافسيا بصورة أكبر• وفي المقابل، فإن المصنعين يقومون بتدعيم جزئي للمنتوج حسب تسويق المخزون أيضا، مما يخفض أكثر الأسعار، والنتيجة أن سوق الهواتف النقالة يبقى سائدا بصورة كبيرة جدا دون ضوابط حقيقية• ومن المتعارف عليه حاليا أن أهم مناطق التسريب والعبور للسوق الموازية هي دبي والمغرب، ثم تأتي عدد من دول جنوب شرق آسيا ''ماليزيا، سنغافورة، الفلبين، الصين، وتتخذ مسارين الأهم هو الدخول مع السلع والبضائع بصورة ''خفية'' عبر الحاويات والثاني الأقل عددا وحجما هي ''الحقيبة''• تراجع الواردات الرسمية للهواتف النقالة في نفس السياق، عرفت واردات الهواتف النقالة في الجزائر خلال الثلاثي الأول من السنة تراجعا معتبرا، بنسبة تقارب 50 بالمائة• فقد قدرت قيمة أجهزة الهواتف النقالة ب 30 مليون دولار خلال الثلاثي الأول مقابل 58 مليون دولار في نفس الفترة من سنة 2008، ويتضح على خلفية ذلك تأثير الأزمة العالمية على العديد من الصانعين وتراجع رقم أعمالهم والحد من نشاطاتهم، موازاة مع التباطؤ المسجل في السوق الجزائري للعديد من الصانعين بفعل السوق الموازي وتأثيره الكبير على السوق، فقد أعادت العديد من الشركات النظر في سياسات التوسع وتنويع المنتوج في الجزائر وركزت عملها على سوق أكثر تنظيما مثل المغرب وتونس ومصر في شمالي إفريقيا، بل أن عدد من الشركات أعاد تنظيم شبكاته بحيث أضحى يعمل مباشرة من المغرب عوضا عن الجزائر •