لم تكن عائلة إدريس ببلدية تيزي نبربر ببجاية تدرك أن كسبها لقضية نزاع حول قطعة أرضية مع أحد جيرانها، وتنفيذ الحكم الصادر لصالحها باستعمال القوة العمومية، يضعها في موقف مواجهة مع مجلس قضاء الولاية الذي لم يتوقف عند حد مخالفة قرار المحكمة العليا • تعود مجريات القضية إلى سنة 1990 حين نشب نزاع عادي بين عائلة إدريس وأحد جيرانها إثر قيام الأخير بالتعدي على قطعة أرضية واقعة بخرسوس في بلدية تيزي نبربر ببجاية•• بقلعه عدة أشجار منها المثمرة وغير المثمرة، مما دفع بعائلة إدريس إلى رفع دعوى قضائية أمام محكمة بجاية، وبموجب حكم مؤرخ في 4 مارس 1990 مفهرس تحت رقم 91 / 90 عين الخبير ''و•ل'' لمعاينة الأضرار التي لحقت بها وتحديدها نقدا، وعليه أثبت الخبير وقوع التعدي، كما صرح له المدعي عليه حسب تقريره أنه قام فعلا بذلك، ما يعد إقرارا قضائيا في نظر القانون، لكن المحكمة قضت بموجب الحكم المؤرخ في 8 ديسمبر 1991 المفهرس تحت رقم 91 / 295 بإلغاء خبرة ''و•ل'' وتعيين الخبير ''ز•أ'' في القضية التي أكد بشأنها نفس النتائج• ورغم الحقائق الواردة فيها إلا أن المحكمة قضت بإلغائها وتعيين خبير ثالث بموجب حكم مؤرخ في 4 جوان 1994 مفهرس تحت رقم 9 / 413 دون أن تعيب شيئا عن الخبرتين، ليثبت هو الآخر نفس الوقائع التي توصل إليها الخبيران السابقان• وبموجب حكم صادر في 29 أكتوبر 1995 تحت رقم 432 / 95 صادقت المحكمة على خبرة الخبير ''أ•ع'' وألزمت المدعي عليه بالتخلي على المساحة الترابية المعتدى عليها مع دفع تعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بعائلة إدريس، وعليه تم تبليغ الحكم في 13 جانفي 1996 ثم تنفيذه جبريا بتاريخ 7 أوت 1996• لكن تنفيذ الحكم باستعمال القوة العمومية وفقا للقانون لم يسمح للعائلة أن تنعم في سلام، إنما زاد الأمر تعقيدا، وجعل أفراد الأسرة معرضين لخطر الإعتداءات والضغوطات نتيجة المستجدات التي طرأت على القضية، حيث قام المدعي عليه حسب الشكاوي المودعة لدى مجلس قضاء بجاية التي لم يتم الفصل فيها، بعد يوم واحد فقط من تنفيذ الحكم 8 / 8 / 1996 بالتعدي مرة أخرى على الملكية العقارية لعائلة إدريس، وفي اليوم الموالي له 9 / 8 / 1996 تعرض السيد إدريس الهاشمي إلى محاولة اغتيال نفذها حسب تأكيده أمام قاضي التحقيق صهر المدعي عليه• ولم ييأس المعتدى عليه بعدما قضى مجلس قضاء بجاية بعدم قبول استئنافه بموجب قرار صدر بتاريخ 13 ماي 1997 لوروده خارج الميعاد القانوني، إنما راح يلتمس إعادة النظر فيه، بينما أودع السيد إدرس الهاشمي شكوتين مؤرختين في 4 جويلية 1997، الأولى تتعلق باقتحام حرمة مسكن وتخريب الأملاك، والثانية بالضرب والجرح العمدي• ونظرا لما لحق بعائلة إدريس قامت الأخيرة بالطعن في النقض أمام المحكمة العليا التي أصدرت بموجبها قرارا يوم 19 جانفي 2000 يقضي بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالة القضية والأطراف إلى نفس المجلس، مشكلا من هيئة أخرى للفصل فيها طبقا للقانون ''كون قضاة الموضوع حينما قبلوا التماس إعادة النظر وإلغاء الحكم المستأنف بتعيين خبير رابع، لم يستندوا في ذلك إلى أية حالة من حالات الإلتماس المنصوص عليها في المادة 194 من قانون الإجراءات المدنية، كما لم يناقشوا القضية بطريقة موضوعية''• وبتاريخ 12 مارس 2001 التمس السيد إدريس من محكمة بجاية مواصلة إجراءات المتابعة القضائية بخصوص كل الشكاوي الثمانية المودعة ليتم سماعه من طرف قاضي التحقيق عقب إضرابه عن الطعام ليقرر ضمنها في ملف واحد انتهى بصدور أمر انتفاء وجه الدعوى الذي بدوره كان محل طعن بالإستئناف أمام غرفة الإتهام التي أيدت الأمر، ليشكل النائب العام لمجلس قضاء بجاية بتاريخ 14 / 09 / 2004 طعنا بالنقض أمام المحكمة العليا في انتظار قرارها وبالموازاة مع ذلك، كانت عائلة إدريس قد أقامت دعوى أمام المجلس في تاريخ 21 أوت 2002 طالبت فيها التصريح لها بإبقاء الدعوى محل القرار الصادر عن المحكمة العليا في 19 جانفي 2000 تحت رقم 213234ومن ثم التصريح بالتبعية بأن الحكم المؤرخ في 29 أكتوبر 1995 أصبح نهائيا طبقا لقانون الإجراءات المدنية• ليقرر المجلس في حكمه الصادر يوم 30 أفريل 2003 المفهرس تحت رقم 561 / 2003 التصريح بسقوط الخصومة ''لعدم استمرار المدعي عليه في دعوى القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 19 جانفي 2000 بعدما لم يقدم أي دليل عن ذلك''• لكن المدعي عليه قام بترجيع الدعوى بعد النقض ليصدر المجلس بتاريخ 29 ديسمبر 2003 قرار جاء مناقضا تمام للحكم السالف الذكر 30 أفريل 2003 ومنافيا لوقائع القضية ومضمون الخبرات التي أعادت ذكرها في نقضه، حيث ورد فيه أن المدعي عليه قدم عريضة في 2 ديسمبر 2002 طلب فيها إعادة السير في دعواه بعد النقض الحاصل بموجب القرار الصادر عن المحكمة العليا في 19 جانفي 2000 وبإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 29 أكتوبر 1995 عن محكمة بجاية، وهو الذي يتنافى كلية مع سابقه القاضي بسقوط الخصومة• ليلخص إجراءات الدعوى في أنها ''منحصرة في طلب صاحبها المرجع ضده بدرء إعتداء خصمه على ملكيته ثم التحقيق فيها بواسطة الخبيرين ''و•ل''، ''ز•ا'' الذين كشفا للمحكمة والمجلس على عدم حصول الإعتداء على مكلية المدعي• ورغم توافق الخبرتين فإن الحكم المستأنف عمد ودون مبرر قانوني إلى تعيين خبرة ثالثة أعدها الخبير ''أ•ع'' والتي أعطت نسخة مغايرة للخبرتين السابقتين، ولأن الحكم المستأنف خالف القاعدية العدلية فإن المجلس قرر إلغاءه، طالما أن الإعتداء محل الدعوى غير قائم• وعليه فإن الأخيرة منعدمة الموضوع، وبالتالي تعتبر غير مؤسسة وجب القضاء برفضها'' وهي الحيثيات المناقضة تماما لوقائع الدعوى الأصلية المذكورة في كل قرارات وأحكام المجلس•• لتلتمس العائلة إعادة النظر فيه لتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها الهيئة، والذي كان بدوره محل رفض دفعها إلى الطعن مرة أخرى أمام المحكمة العليا في جوان 2005 في انتظار ردها بشأن القضية• الهاشمي ادريس بلدية تيزي نبربر