لا بأس أن نحضر ونشاهد حزب جبهة التحرير الذي حرر البلاد والعباد أن يترأسه مناضل من حجم عبد العزيز بلخادم، بعد أن تداول عليه العمالقة مثل بوضياف والشريف مساعدية وعبد الحميد مهري وغيرهم من الأسماء التي صنعت مجد الحزب العتيق، قبل أن يقبل مناضلوه ويجعلوا منه حزبا عاديا ككل الأحزاب، مجرد من تاريخه وعظمته، مثلما جرد من ممتلكاته ومقراته• لكن أن نقبل بأن ينزل هذا الحزب ''العتيد'' بعظمته وتاريخه النضالي الذي أبهر العالم، ويتصارع مع أحد أبناء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الجزائر، بعد أن كان يصارع زعيم ثاني قوة في الحلف الأطلسي، الجنرال دو غول الذي أبهره ذكاء وقوة أبناء الجبهة الذين جاءوا للتفاوض في إيفيان، وأجبروا الرئيس الفرنسي، قاهر الألمان، أن يصحح أفكاره عن الثورة وعن الجبهة ويعترف بعظمتها، فهذا ما لا يمكن أن يخطر على بال أي جزائري جبل على حب الوطن والثورة، لأن في الأمر انتقاص من قيمة الحزب الرمز• وهل يقبل أي جزائري مهما كان خلافه مع جبهة التحرير أن تسبح هذه في الحضيض، إلى درجة صارت تجري وراء أصوات منتخبي الأفانا من أجل النجاح في البرلمان، ومن أجل فرض خياراتها تحت قبته• لا أدري أين يريد المشرفون على الحزب العتيد الوصول به، لكن الأكيد لن تكون وجهتهم المتحف مثلما طالب بذلك حسين آيت أحمد، لأن حزبا بالمواصفات التي صارت عليها الأفلان لا يقبله أي متحف فهو لم يعد تحفة يعتز بها و إنما صار خرقة بالية من شدة الأقدام التي داسته والأيادي التي تداولت عليه و جعلت منه عنوانا لقضاء المآرب و الحاجات الرخيصة بعد أن كان يمثل كرامة أمة.