ما يدفعهم إلى تخطي المساجد والانتقال من مكان لآخر أملا في العثور على قارئهم المفضل الذي تتوفر فيه شروط ومعايير تختلف من شخص لآخر، منهم من يختصر المسافات للاستماع لمشاهير المقرئين على أرض الجزائر• تبرز ككل شهر رمضان ظاهرة تخطي المساجد لا سيما في السنوات الأخيرة، وخاصة من طرف الشباب المتيمين بالأصوات الندّية والحناجر الشذية، التي تزخر بها الجزائر عبر مساجدها لإحياء لياليها الرمضانية المباركة• ويبدأ المواطنون الاستفسار عن الأئمة المقرئين وأيّ المساجد التي ستتشرف بهؤلاء المقرئين، أياما قبل الشهر الفضيل لتحديد وجهتهم، فيترصدون آخر الأخبار والأصداء عن ظهور حنجرة نفيسة تنافس البقية• وتختلف مقاييس تفضيل مقرئ على مقرئ ومسجد على مسجد من شخص لآخر، فالأغلبية التي التقيناها تضع الصوت الحسن والتحكم في الأحكام ومخارج الحروف في المقام الأوّل لتفضيل مسجد على الآخر، وهو ما جاء على لسان سمير( 24 سنة)، ومنهم من يزيد على ذلك بأن يكون مقلدا لأحد مشاهير القراء في الشرق الأوسط فتجد عشاق صوت سعد الغامدي، أحمد العجمي، والعفاسي وغيرهم• ويبقى مسجد ''أبو حذيفة بن اليمان'' بباش جراح وقارئه المعروف، القارئ ياسين، الأكثر جلبا للمصلين من كل أحياء العاصمة، حيث يحج إليه جموع المصلين بعد كل إفطار يغص بهم المسجد في الداخل وخارجه لعدم قدرته استيعاب كل تلك الوفود• ومن مرتادي هذا المسجد بلال، أستاذ ثانوي، يذهب إليه كل ليلة رفقة أصحابه قادما من اسطاوالي• وعن سبب تفضيله لهذا المسجد قال إنه يحب سماع القرآن بالطريقة التي يجوّده بها الشيخ ياسين• ويكتظ مسجد ''التوبة'' بحيدرة، لمقرئه مراد دبياش، عن آخره بالصلاة حتى خارجا أيضا، وهو ما أكدّ لنا حسن من دالي إبراهيم الذي يقصده يوميا، أنّ المسجد يستقطب أعدادا غفيرة من جميع أحياء العاصمة خاصة بلوزداد والأبيار وبن عكنون وشوفالي•• كما يكون التخطي أيضا بسبب التخفيف، بأن يصلي بهم الإمام حزبا فقط عوض حزبين، أولسرعة بعض الأئمة في الصلاة• كما يحبذ البعض مسجد على آخر لما يتوفر عليه من ظروف ملائمة خاصة ونحن في شهر الصيف، من اتساع المسجد وتوفر المبردات والتنظيم، لكن الهدف الأسمى والأوّل يبقى إقامة شعيرة التراويح ونيل الأجر واغتنام خير شهور الله•