إذا كان شهر رمضان هو عنوان للتقوى والإيمان، وعمل الخير، فإنّه في مجتمعنا بات يعني العديد من العادات السيّئة، وأحيانا عنيفة، وأحيانا أخرى غريبة ومضحكة·· في هذا الركن حاولت ''الفجر'' تقديم بعض الصور من المجتمع في قالب خفيف، وتضع أمام القراء الفرصة ليكتبوا عن حوادث غريبة كانوا هم أبطالها أو شهودا عليها، ويراسلونا على البريد الالكتروني الخاص بقسم المجتمع· [email protected] هل سيطلع النهار مرة أخرى؟ عشت سنوات الثمانينيات في القرية، وكان رمضان في تلك الفترة في الصيف أيضا·· اليوم طويل جدا·· ليس هناك طاقة كهربائية· كل شيء على الطبيعة·· الماء البارد نورّده من الينابيع البعيدة بكيلومترات عن القرية··اللحم لم يكن مجمّدا، فلا مبردات ولا ثلاجات، ولا غيرها··· كان هناك شيخ ممن ''يغلبهم رمضان'' كما يقال، فهو لا يقدر على الصوم··· فتراه صباحا يمشي شارد الذهن·· يتوقف ثم يتحدث إلى نفسه·· وضع ''مأساوي'' يعيشه صاحبنا طيلة أيام شهر رمضان·· تراه في المسجد قبل أي شخص، بل قبل حتى المؤذن والإمام والقيّم على المسجد· في القرية الهادئة تلك، النائمة بين أحضان الجبال الشاهقة، كنا ننتظر أذان المؤذن للصلوات، وليس هناك مكبّر صوت·· وفي رمضان يتطوع اثنان أو ثلاثة، ليؤذنوا في الناس موعد الإفطار، ونفس الشيء بالنسبة للقرى المجاورة·· كان كل واحد من سكان القرية يجلس عند باب منزله ينتظر الأذان، وهو حال صاحبنا، طبعا·· لكن الاختلاف بين الناس وصحابنا هو أنه يفطر بمجرد سماعه أول مؤذن، حتى ولو كان في القرية المجاورة أو حتى البعيدة نوعا ما·· وعندما يسمع أول أذان ويفطر فيقول له أهله ''ما بك هذا أذان القرية الأخرى''·· فيرد صاحبنا ''عادي·· إنه الغروب·· هل سيطلع النهار مرة أخرى