أصبحت الساحات العمومية والشوارع والأرصفة المرتع الوحيد الذي يفضله الشباب باختلاف أعمارهم، وبات بمثابة متنفس لتقليل الضغط سواء على الأسرة أو على الآباء، حيث تحول الشارع وما يشكّله من خطورة إلى حاضنة ومأوى لهذه الفئة وهو ما يدفع هؤلاء الشباب للبقاء خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل بعيدا عن أية مراقبة أو حتى رعاية· إن المحيط والبيئة الاجتماعية تلعب دورا أساسيا في حياة الطفل بدءا من الشارع ثم الحي فالجيران والرفقاء، كما أن الضغوط التي تتعرض لها الأسرة قد تلهيها عن الاعتناء بأبنائها، الأمر الذي يدفع الطفل للبحث عن مكان آخر، هي تأثيرات وعوامل جانبية تجعل الأسرة تلقى صعوبات في معالجة وحل مشاكل أبنائها بسبب السلوكات غير السوية وهو ممارسة الضغوطات النفسية على هؤلاء· يومية ''الفجر'' قامت بجولة استطلاعية قصدنا خلالها الساحات العمومية وشوارع العاصمة، بدءا بالمنطقة المعروفة باسم ''سكوار'' حيث لفت انتباهنا تجمعات كبيرة من الشباب في مقتبل العمر تتراوح أعمارهم بين 17 و30 سنة اتخذوا من الحديقة المحاذية للمنطقة متنفسا لهم، خصوصا وأنهم بدون أية وظيفة تشغل وقتهم وتدفع عنهم هاجس الفراغ القاتل إلى جانب غياب المرافق الضرورية· تقربنا من محمد، شاب يبلغ من العمر 20 سنة الذي أبى إلا أن يفرغ ما في جعبته لعل انشغاله يصل إلى الجهات المعنية، فهو يقصد المنطقة في ساعة مبكرة من الصباح ويغادر في آخر الليل، حيث يقول إن البيت الذي يأوي عائلته لا يتسع لهم جميعا فهم لا يحتكمون حتى على قوت يومهم، وحلمه الوحيد الحصول على منصب عمل ليعيل عائلته المتكونة من 8 أفراد مع العلم أنه يحوز على شهادة التكوين المهني في تخصص التلحيم· وأخذت هذه الظاهرة أبعادا جد مقلقة في السنوات الأخيرة وتفشت في مجتمعاتنا، حيث يطول مكوث الأبناء إلى ساعات متأخرة خصوصا في فصل الصيف· ومن الأسباب التي تجعل الشباب يخرجون من منازلهم ويفضلون الشارع حسب مختصة في علم الاجتماع بجامعة الجزائر هو المشاكل العائلية المتكررة التي تعد أحد أهم العوامل الأساسية لخروج الأبناء باحثين عن متنفس لهم خارج أسوار البيت، بالإضافة إلى أزمة السكن التي هيأت لهم مداخل السقوط في انحرافات لا يحمد عقباها كالتدخين والمخدرات والاعتداء والجنس وهذا ناجم عن أوقات الفراغ الممتدة، وهي كلها دلائل وقرائن تبيّن أن الشارع الجزائري لا يرحم ويؤثر سلبا على سلوك الشباب·