كان على عرب الشرق الأوسط أن يتخلوا عن فكرة المفاوضات مع إسرائيل! واستبدال ذلك بالاستسلام اللامشروط لإسرائيل لتفعل ما تشاء بالمنطقة العربية! المنطق الذي يطلب من الفلسطينيين التفاوض بدون شرط وقف الاستيطان معناه أن الاحتلال غير مستعد للرحيل عن الأرض المحتلة! والاستيطان هو الأداة العملية في الميدان للاحتلال! وعندما تقول إسرائيل إنها لا تريد الحديث في الحوار عن الاستيطان ووقفه فعن ماذا تريد الحديث مع الفلسطينيين خارج الاستيطان وتكريس الاحتلال! وإذا استثنت إسرائيل في الحوار مع سوريا مسألة الجلاء عن الجولان، فماذا سيكون موضوع الحوار إذاً؟! هل يكون عن إعطاء الضمانات بأن لا تحتل دمشق أو حلب؟! لقد تنازل العرب في مدريد عن فلسطين التاريخية مقابل وعد فارغ من إسرائيل بأن تنسحب من الأراضي المحتلة عام ,1967 وها هي اليوم تفاوض العرب من جديد بمسألة عدم احتلال مناطق أخرى من بلدانهم مقابل التنازل عن المطالبة بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967! إن تصريح هيلاري كلينتون بعدم ربط مبدإ وقف الاستيطان كشرط لبداية المفاوضات يعني أن أمريكا تخلت عن فكرة قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967! والمفاوضات تتجه إذاً إلى ربط السلام مع إسرائيل بالتنازل العربي، وليس الفلسطيني فقط، عن كل الأراضي التي تمثلها فلسطين التاريخية! الواقع أن ما حققته إسرائيل ''بحرب السلاح'' ضد العرب أكبر بكثير من الذي حققته بحربها ضد العرب في 48 و56 و67 و1973! لأن إسرائيل بالحرب احتلت الأراضي ولكنها لم تستطع احتلال العقول العربية المقاومة·· لكن بواسطة السلام المزعوم أنهت فعلا القضية·· ولم يبق أمام العرب سوى الاستسلام الكامل·· والمفاوضات إذاً تتضمن ترتيبات كيفية الاستسلام ولا شيء غير ذلك! هذا هو الواقع·· واقع الاستسلاميين العرب!