تقول معظم الفضائيات المصرية عن الجزائر إنها بلد متخلف وعدوّ للحضارة، وشعبه إرهابي لأنه مرّ بالعشرية السوداء، وهو من كان متسببا في أذية نفسه بنفسه، وفوضوي ووحشي وكله ''حراشي''، و''بلطجية''.. وهي الكلمة التي بحثت عن معناها فقيل لي لا يعلمها إلا أهلها• نتمنى أن تفيدونا بمعناها لكي نستعملها في سب إسرائيل أو أي بلد أساء للعرب، فأعتقد أنها قدر الغرض الذي نرغب نحن الجزائريين في استعمالها له• وهذا الكلام الفارغ كله صدر من أفواه رائحتها أكره من رائحة وادي الحراش الذي نحن أبناؤه وألفنا رائحته، لكن رائحة أقوالكم التي شتمتمونا فيها إخواني جد نتنة لا تطاق.• فماذا دهاكم يا عظام وما بكم يا كبار العرب؟ أتعتقدون أن الصغير يطيق غطرسة الكبير، خاصة ونحن في عصر الديمقراطية التي علمتمونا إياها كما تدعون• أتقولون ما لا تفعلون يا إخواننا؟• نحن صغار بحق ونحترم الكبار، إلا أن من يهيننا نشعل فيه النار، تحدثتم كثيرا عنا بالسوء، وصبرنا عن أذاكم وقلنا ربما بدافع الثقة المفرطة في النفس التي جعلت إخواننا يتأكدون من فوزهم وما حدث كان مفاجئا لهم، وهو ما جعلهم يسبونا ويصفونا بصفات هم يعلمون يقينا أنها لا تمت لنا بصلة• لكن بلغ السيل الزبى أن تشتمونا كشعب، فهذا لم يكن متوقعا منكم ومن أي أخ كبير تصيبه غيرة من أخيه الصغير الذي تفوق عليه، وهو لم يكن يحسب له حساب، لكن أن تسبوا الجزائري بأمه، فهذا غير مقبول إطلاقا• وما دخل الرئيس•. وقد يجيب رئيسنا الذكي الداهية الذي يعرف كيف يتصرف إزاء المواقف الحرجة إن سأله صحفي من مصر بقوله: ''أنا أحكم من مبارك في التعامل مع شعبي وإخواني من حكام الشعوب الشقيقة والصديقة مع احتراماتي الكاملة لمبارك كرئيس دولة عظمى، لم تعرف كيف تحافظ على الزعامة في الوطن العربي، والتي توارثها الأبناء عن الأجداد''• فوحوش الجزائر وأحراشها وأميوها، كما سميتمونا، الذين كانوا ''فلب و رب'' مع المنتخب الوطني ومستعدون لتقديم مالهم وروحهم فداء للجزائر، تحلوا بالروح الرياضية الحضارية، ولم يفعلوا ما فعله محامو مصر الذين قاموا بحرق رمز السيادة الوطنية.. العلم الوطني للجزائر•• عيب عليكم يا أصحاب الجبة السوداء وأنتم النخبة، فكان الأجدر بكم أن تساهموا في تهدئة الأوضاع والتخفيف من تهور واندفاع المراهقين والمتعصبين، الذين لا همّ لهم سوى إرضاء عائلة الرئيس الجديد• فإذا كانت النخبة تتصرف هكذا، فماذا ننتظر من الذين تهمشوهم ولا تعتبروهم مصريين إلا عندما يكون الخطر عليكم فتدعوهم لكي تضعوهم كواجهة تحميكم من أي أذى؟• أتذكر جيدا ما قاله شيخ طاعن في السن في إحدى حصصكم المهتمة بالمجتمع: ''نفسي أشرب كوبية مية صافية''.. وهذا دليل على أنه المسكين لم يشرب في حياته ماء صالحا للشرب• ألا يجب عليكم يا مسؤولي بلدي الثاني، وأقولها وأنا متأكد بأنه لو عاش جمال عبد الناصر إلى يومنا هذا لكانت مصر والجزائر بلد توأم، لكن رغم ذلك فنحن على العهد باقون ورغم أذاكم لنا إلا أننا نقول لكم ''صح عيدكم وعيدكم مبارك''• كما لا أفوت الفرصة لأقول لكم بأن التاريخ يضعكم في حرج، فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه أرسل عمر بن العاص إلى مصر في عهد خلافته للسؤال عن أحوال البلاد فعاد إليه متحسرا قائلا له ''أرضهم من ذهب، ونساءهم لعب، وحكامهم غلب، يجمعهم طبل وتفرقهم عصا''•. وهذه مقولة صحابي وليست لمسؤول أو مناصر جزائري• نصيحتي لكم إخواني أن تراجعوا أنفسكم وتسارعوا الى طلب السماح من أخيكم الصغير كما تؤمنون به أنتم• فغضب الصغير على الكبير أمر عسير وليس بيسير، ومهما تفعلون فنحن في المونديال ولنا شرف كبير أن تناصرونا لأننا أشقاؤكم عوض مناصرة دولة أخرى لا تربطكم بها أي علاقة قرابة أو صداقة، وأن تدخلوا الأمر في أذهانكم وتتقبلوه لأنه واقع ولا جدال فيه• فلا توسعوا هوة الخلاف بيننا ولا تحاولوا أن تأخذوا منا صفة وصفتمونا بها عبر قناة وزير الثقافة المقبل في طاقم حكومة مبارك الابن، وهي كما يقال بعاميتنا ''تيباس الرأس''•• فلا تيبسوا ريسانكم على شيء ليس لكم•