يخوض مساء اليوم المنتخب الوطني لكرة القدم مباراة الفصل التي تجمعه بنظيره المصري، لحساب الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة للمونديال 2010.وتعد هذه المباراة جولة ثالثة فاصلة لمعرفة آخر المتأهلين من القارة السمراء وكذا معرفة المنتخب العربي الوحيد الذي سيحمل معه الى جوهانسبورغ، آهات وزفرات الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج. هذه المباراة التي ستلعب على أرض السودان الطيبة، نأمل ان تكون مواجهة مشرفة لكل العرب حتى لا نعطي صورة مشوهة عن واقعنا الذي حاول البعض ربطه بنتيجة مباراة كروية الفائز فيها عربي والخاسر فيها كذلك. ولا شك ان المنتخب الجزائري الذي ضمد جراحه بسرعة البرق وغادر القاهرة بدون أضرار وبتعادل في النقاط والاهداف، يعي ما ينتظره من خلال هذه المباراة القوية والحساسة، خاصة وان جماهيره المتعطشة الى الفوز ستكون هذه المرة حاضرة وبقوة، بعد ان وجدت في أرض السودان المناخ الذي يعطيها الامان والاطمئنان. ومما لا شك فيه أيضا ان الابتعاد عن أجواء الاحتقان والضغط والشوفينية الضيقة والتعصب والسب والشتم والكراهية والحقد وغيرها من وسائل الحرب النفسية التي وظفت لإرهابه في لقاء السبت الفارط بالقاهرة، سيكون له هو الآخر تأثيره الايجابي على نفسية لاعبينا، الذين تنفسوا الصعداء بمجرد نزولهم أرض السودان، وقالوا هنا الأمن وهنا الامان وهنا سيكون الفصل وتكون معركة رجال. ويبدو ان مثل هذه التصريحات المقتضبة والتي أوجزها بوقرة وعنتر يحي وصايفي في كلمات صادقة ومعبرة وحساسة، توحي بأن إرادة الأخذ بالثأر تسيطر على سلوك كل لاعبينا الذين أحسوا بأنهم خاضوا في القاهرة مواجهة غير متكافئة من حيث ظروفها، خاصة الفراعنة الجدد قد وظفوا كل وسائل التعبئة النفسية وكأنهم يتهياؤون لحرب سيناء الكبرى من جديد وكأن الخصم من تل ابيب، بثوا الأناشيد الحماسية التي لا تذاع إلا في الحروب وجندوا الذي يسوى والذي لا يسوى وسبوا وشتموا ونصبوا "الباراجات" المزيفة وفتشوا عن الهوية وتسببوا في إصابة العديد من الجزائريين وبعثوا الرعب، ليفوزوا في النتيجة ويخرجوا منتخبهم من عنق الزجاجة، وكان تأهلهم أشبه بولادة قيصرية وكان المولود طفل أنابيب وأطفال الأنابيب كما نعلم جميعا قد لا تكتب لهم الحياة، إذا تمت الولادة بهذه الطريقة المعقدة. كما ان المنتخب الوطني وهذا بشهادة الطبيب الفرنسي ميشال قايو الذي رافقه في رحلة القاهرة قد لعب المباراة وهو تحت تأثير العدوان الذي تعرض له على الطريق وخوضه للمباراة في تلك الحالة النفسية المتوترة جدا والموترة إعلاميا وأمنيا، كان أشبه بمجازفة وأي منتخب في مكانه كان سيرفض اللعب ولو كلفه ذلك الاقصاء. وبما ان المنتخب الوطني قبل التحدي وخوض المواجهة والخروج منها بأقل الأضرار فهو يستحق ان يكون فائزا في هذه المباراة التي تقام على أرض محايدة بين فريق جاء محاطا بجماهير لو فتحت أمامها المعابر المغلقة لدخلت قلب تل ابيب وبين منتخب جاء مشفوعا بدعاء ممثلات الاغراء والعري من شاكلة نانسي وفيفي عبده وبلطجية زاهر قطاع الطريق من خريجي السجون وهواة الراي-راي من أهل القمار. هذه حقائق يجب ان تدون ولا يجب اعتبارها تحريضا لأيا كان من الجزائريين الذين هم الآن في ضيافة شعب السودان، الذي من بين أهله مناصرون ومؤيدون ممن حز في نفوسهم رؤية المنتخب الوطني يهان بتلك الوحشية في القاهرة، والذين عبروا بالهتاف والحضور والتشجيع عن مساندتهم للجزائريين، وخير دليل ما يشاهد في شوارع الخرطوم وما تبثه القنوات الفضائية وما يتحدث عنه الاعلام المحايد وما يصلنا من برقيات ومكالمات يومية تعد بالمئات. وعندما يصل الأمر إلى هذا الحد من التعبئة النفسية المشجعة، يمكن القول ان المنتخب الوطني الذي يضم ترسانة من اللاعبين الكبار بإمكانه ان يلتهم خصمه بسهولة، خاصة وان الخصم قد بدأ يشعر بالاحباط وهو يرى تجاوب أهل السودان مع الجميع على قدم المساواة. كما ان المنتخب الوطني لن يتأثر بالحملة الإعلامية المصرية المضادة التي شرعت في التحذير من الانصار الجزائريين من الوهلة الأولى لوصولهم الى السودان، حين أشارت الى أنصار مولودية الجزائر واتحاد الحراش الذين سموهم بالاحراش في الاعلام المصري المرئي، خاصة وان المصريين الذين يسمعون بتشبع الشناوة والكواسر بثقافة الرجلة والتمرد على الحقرة ورد الاساءة بأكثر منها، خاصة عندما يتعلق الامر بالفريق الوطني والجزائر بصفة عامة. ولا بأس ان نذكر الزملاء في الفضائيات المصرية التي تخاف الحراشييين والشناوة على وجه الخصوص، بأن انصار المنتخب الجزائري الذين يتواجدون ومازالوا يتوافدون على السودان لا هم قادمون من الاحراش ولا من شنغهاي بل هم جزائريون عرب وبربر وتوارق صهرهم الاسلام في بوتقة واحدة تسمى الجزائر ويروي عنهم التاريخ من يوم ماسينيسا والكاهنة وعقبة بن نافع وغيرهم من الفاتحين الذين قطعوا المحيط ووصلوا غرناطة إلى عبدالقادر الجزائري وبن باديس والمقراني وعميروش وبن مهيدي وبومدين الى عبدالعزيز بوتفليقة، بأنهم يعرفون كيف يحافظون على الوديعة ولا يكيلون بمكيالين ولا يضربون في الظهر أويتباهون بالصدقة ويدركون بأن الفوز من عند الله وستكون كلمتهم كذلك في مباراة هذا المساء. وعند التطرق للحديث عن الانصار الجزائريين، تجدر الاشارة بأن هؤلاء صنعوا أجواء خرافية في شوارع الخرطوم وكانت طريقة تشجيعهم محط اعجاب حيث خلت من السب والشتم وذلك بشهادة التقارير الصحفية السودانية بالدرجة الاولى، الى درجة ان الاعتداء الذي تعرضت له الحافلة المصرية تبين بأنه من فعل من تواجدوا في الملعب أثناء الحصة التدريبية التي أجراها المنتخب المصري، وهم من المصريين فقط وبعض السودانيين ممن اختاروا مؤازرة المنتخب المصري وهذا ما ينفي التهمة التي حاول البعض الصاقها ببعض الجزائريين الذين تقول معظم التقارير بأنهم بعيدون عن أجواء الفوضى التي يتسبب فيها الوافدون على الاقدام من المدن المصرية الحدودية، ممن لم تشملهم ملايير احمد العز الذي وضع أمواله في خدمة أبناء الاثرياء والقطط السمينة. وربما ستكون المواجهة فاصلة بين الجماهير ايضا، لأن الذي سيعرف كيف يشجع منتخبه سيفوز، لكن يبقى على المصرين الذين يرفعون شعارات تنطوي على ثقافة آل فرعون ان يدركوا، بأن الجزائريين الذين بهدلوا في القاهرة بتواطؤ من الأمن المصري، لن يقبلوا الاهانة ثانية لذلك نأمل منهم ان يترفعوا هذه المرة ولا ينساقوا وراء كلام الفضائيات الاباحية أنه لا الغندور سيكون في المدرجات ولا شلبي سيكون في المواجهة ولا "المحرقسة" منى شلبي ستظهر على استاد ام درمان وكما قالها صايفي ستكون معركة رجال وانتم تعرفون من الرجال ومن الارانب.