حتى أن أحد شعراء الأغنية المصريين ''شريف تاج الدين'' رفض أن يتنازل عن أغنية كتبها لوردة باسم ''ضميرك مستريح''، كانت وردة قد اتفقت معه على غنائها، ولكن في أعقاب حالة الغضب العارم - التي انتابت أغلب الفنانين بعد مباراة مصر والجزائر - فإن القرار هو ''لا لكل ما هو جزائري''•• هذا هو ما أصدره نقيب الموسيقيين ''منير الوسيمي''•• فلا فرق غنائية أو مطربين جزائريين سيسمح لهم بالمجيء للقاهرة، ولن يسمح أيضاً لأيّ فنان مصري بالسفر إلى هناك•• ولكن ما علاقة كل ذلك بوردة!• ''وردة'' كنا نطلق عليها - في عام ,1962 عندما جاءت لأول مرة للقاهرة - ''وردة الجزائرية'' وكان وصف - الجزائرية - يدل على احتضان مصر حكومة وشعباً لثورة الجزائر ضد المحتل الفرنسي، ولكننا مع الأيام صرنا نكتفي باسمها الأول ''وردة''؛ لأنها في الضمير المصري صارت مصرية، صحيح أن والدها جزائري وأمها لبنانية، أي أنها تحمل الجنسية الجزائرية بحكم الميلاد، إلا أن تألقها بدأ في القاهرة، ومشوارها امتد في مصر منذ أن غنت ''لعبة الأيام'' لرياض السنباطي، ولهذا أطلقت على ابنها البكر اسم رياض تيمناً بهذا الموسيقار الكبير ثم قدمت فيلم ''ألمظ وعبده الحامولي'' وغنت في الفيلم لكبار الملحنين محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، بليغ حمدي• واختفت فترة ثم عادت في السبعينيات مرةً أخرى، وتزوجت من بليغ حمدي، وغنت لمصر أول أغنية استقبلنا بها انتصار أكتوبر ''على الربابة بغني'' تأليف عبد الرحيم منصور وتلحين بليغ حمدي، ولم يفكر أحد وهو يستمع إلى ''وردة'' هل هي جزائرية•• أم لبنانية•• أم مصرية• والفنانون الكبار مثل أم كلثوم، عبد الوهاب، فيروز، فريد، عبد الحليم، وديع الصافي، شادية، فايزة، وردة، وغيرهم يتجاوزون بلادهم، كلهم فنانون عرب ولا نسأل عن جواز السفر• ولهذا تعجبت عندما بدأ في الوسط الفني من يضع إطاراً حول ''وردة'' باعتبارها جزائرية!! قالوا إنها عندما سئلت قبل مباراة مصر والجزائر من تشجع؟ قالت فريق الجزائر، حتى لو قالت ذلك فهي لم تقصد سوى أن تشجع فريقا كرويا ينتمي إلى بلدها الأول الذي نشأت فيه، ما هو الخطأ في ذلك؟ هي لم تعلن تأييدها للشغب أو للتجاوزات التي حدثت بعد ذلك مثل الشتائم وتحطيم السيارات•• كل ذلك بالتأكيد لم تؤيده، هي فقط انحازت إلى الفريق الجزائري•• ما هي المشكلة في كل ذلك؟• حتى كتابة هذه السطور لم يصدر قرار رسمي في الإذاعة المصرية برفع أغنيات وردة، ولكن المؤكد أن البعض في الإذاعة الرسمية صار يتعامل معها بقدرٍ من الحساسية، ولهذا يضعون أغانيها على الخريطة الغنائية على استحياء، هذا لو وضعوها• لا ينبغي أن تتحول وردة إلى مطربة جزائرية ونحاسبها على أخطاء بعض المشاغبين في ملاعب الكرة هنا وهناك• إن منطق الأمور سوف يؤدي إلى موت كل قرارات المقاطعة التي صدرت خلال الأيام الأخيرة، ولكن كنت أتصور أن وردة أكبر من أن يطولها طوفان المقاطعة•• ولكن عندما تتفجر شلالات الغضب فلا أحد في أمان!!•