العلاقات الجزائرية - المصرية ستتأثر في العمق بسبب أزمة الكرة والطريقة التي أدارت بها مصر هذه الأزمة! وما يقال هنا وهناك من طرف الديبلوماسيين ورجال السياسة من أن العلاقات قوية وتاريخية ولا يمكن أن تتأثر بسحابة عابرة هو في الحقيقة كلام لا يصدقه حتى الذين يقولونه• إن إعادة النظر في العلاقات جذريا أصبحت إرادة جزائرية شعبية تسببت فيها التصرفات المصرية• فلا يمكن أبدا أن تعود العلاقات إلى سابق عهدها حتى ولو كانت هذه إرادة الحكومتين! لأن القطيعة أصبحت شعبية ولا يمكن تجاوزها بإجراءات حكومية مهما كانت قوية وصادقة! والشعب الجزائري عندما يحب•• يمارس الحب بصدق وبدون نفاق•• وعندما يكره يمارس الكره علنا وبدون نفاق أيضا، ومن يمارس معه النفاق يزيد كرهه له! ولا يمكن أن تتصور جزائريا سويا يمكن أن ينافق مصريا ويبادله الأخوة النفاقية! تاريخية العلاقات بين الكرة والوطنية في الجزائر قديمة•• فقد ولدت مولوديات الجزائر في أحضان الحركة الوطنية في الثلاثينيات كرد فعل على أندية الاستعمار التي أنشئت بعد احتفال فرنسا بالذكرى المئوية للاحتلال! وسميت (بالمولوديات) لارتباطها بالدين! لذلك فإن الكرة كانت هي المحرك في القطيعة مع فرنسا شبانيا وشعبيا رغم أننا كنا جزءا لا يتجزأ من فرنسا آنذاك! وما كان يربطنا بفرنسا آنذاك أقوى مما يربطنا اليوم بالمصريين•• ومع ذلك عندما كره الشعب الجزائري الفرنسيين حدث ما حدث! من هنا فإن الذين يقولون إن العلاقات الجزائرية - المصرية لن تتأثر لأنها قديمة وتاريخية واهمون•• فالقطيعة التي كانت سنة 1965 بسبب موقف مصر من 19 جوان كان سببها خلاف بين الحكومتين•• لكن ذاك الخلاف لم ينزل بآثاره إلى الشعب•• أما هذا الخلاف فقد نزل إلى الشعب في البلدين! وبوسيلة أشد فتكا بالعلاقات! لقد هتف لي مواطن جزائري كان ممن تعرضوا لإهانات وانتظارات لساعات بمطار القاهرة رغم أنه يحمل جواز سفر ديبلوماسي•• وحدث هذا قبل الأزمة•• فقال لي: الآن عرفت بأن الذين أهانوني هم اليهود (الموساد) وليس أبناء مصر الذين نعرفهم ويعرفوننا؟! فقلت له: لهذا قررت أنا أن لا أزور القاهرة إلا عبر مطار تل أبيب•• وأتعامل مع الموساد مباشرة وليس مع الموساد عبر عملائه في مطار القاهرة! لذلك، فإن الاعتداء على الفريق الوطني في القاهرة من طرف مجهولين إلى اليوم سببه إما المخابرات المصرية بتحريض من جمال مبارك، وإما جماعة من الموساد، ولذلك لم تستطع السلطات المصرية الكشف عن الفاعلين•• وفي الحالتين يجب أن يحدث هذا زلزالا في السلطة المصرية إذا ما أرادت عودة بعض الثقة للعلاقات الجزائرية - المصرية•• وهنا لا يكفيهم الاعتذار ولا حتى الاعتراف بالخطإ• فالعلاقات ستتأثرلا محالة!