عمّق باسكال كليمو، وزير العدل الفرنسي السابق ونائب منطقة اللوار لاتحاد الأغلبية الشعبية الساركوزي، مسار الخلط المتعمد بين الدين والسياسة في بلد يدعي العلمانية والتوظيف الإيديولوجي للإسلام تحديدا في سياق سياساوي لصيق بمعركة الانتخابات الجهوية التي ستنظم في مارس القادم في ظل صراع محموم بين الساركوزيين واللوبانيين، بعد أن أضحى خطابهم واحدا حيال كل ما يتعلق بالإسلام والهجرة بوجه عام والمآذن والبرقع أو النقاب بوجه خاص• ''ماذا يبقى من فرنسا لو يتجاوز عدد المآذن، عدد الكنائس في فرنسا؟'' بهذه الصيغة، التي تذكرنا بخطاب ساركوزي في الفاتيكان، شارك أمس باسكال كليمان في النقاش الدائر حول الهوية الوطنية• وجاء تصريح كليمان بعد أن هدأت انعكاسات التصويت السويسري على الحياة السياسية الفرنسية في ظل الخلافات الحادة القائمة بين أعداء وأنصار الرفض القانوني الكامل لارتداء البرقع أو النقاب في المباني والفضاءات العمومية، كما أكد ذلك أمس فرنسوا كوبيه، قائد جوق البرلمانيين الساركوزيين في ندوة صحفية قبل صدور تقرير اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة كيفية معالجة القضية بعيدا عن الخلفية السياسوية الضيقة• هذه المرة امرأة أخرى تصنع الحدث، نادين مورانو ونورة براح سكرتيرة الدولة للمسنين، الجزائرية الأصل، التي نهضت من مقعدها وغادرت الجمعية الوطنية بعد أن رفعت صوتها عاليا في وجه وزير العدل السابق، منددة بخلطه الخطير بين الدين والسياسة في مجتمع علماني، من خلال حديثه عن تأثير فرضية السماح للمآذن بالانتشار على المشهد الفرنسي بصيغة تؤكد في تقديرها دور المسيحية في تحديد الهوية الفرنسية القائمة على الفصل بين الدين والدولة• وحسب نورة براح فإن حديث وزير العدل السابق عن ذلك في قلب الجمعية الوطنية، التي تعد المرجعية الأولى للإيديولوجية العلمانية، يعد خرقا جمهوريا لا يمكن السكوت عنه وفضيحة جديدة تخدم لوبان، الجبهة اليمينية المتطرفة• بسكال كليمون لم يرد على نورة براح بصيغة مقنعة على طريقتها وفضل الإثارة بقوله ''إنها تبحث عن شهرة إعلامية من خلال اتهامي باللوبانية'' وحتى لا تأخذ الضجة الجديدة طابعا فضائحيا، حاول فرنسوا كوبيه تهدئة الخصمين، داعيا إلى الابتعاد عن الخلط على مرأى ومسمع منافسه وتلميذ ساركوزي النجيب، غسافييه برتران، الذي كان من الأوائل الذين عبروا عن رفضه للمآذن بقوله إن المسلمين ليسوا في حاجة لها لممارسة دينهم•