كل المناسبات أصبحت منذ انطلاق النقاش حول الهوية الوطنية فرصة لشحن الناخب اليميني بهدف ربح ورقته في معركة الانتخابات الجهوية التي ستنظم في شهر مارس القادم· الفرصة الجديدة تمثلت مساء أمس في زيارة غسافييه برتران، السكرتير العام لاتحاد الأغلبية الشعبية الساركوزي لمدينة نيس المخملية بمناسبة تقديم الحزب اليميني المسيطر على الساحة السياسية تهاني العام الجديد لمسؤولي ومنتخبي المدينة التي يراهن عليها لتمرير قانون منع ارتداء البرقع في الفضاءات العمومية، كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك في سياق متابعتنا لتاريخ القضية وتطور خلفياتها السياسوية المعروفة· الصراع السياسوي العام الدائر بين الاغلبية اليمينية الحاكمة والمعارضة الاشتراكية يقابله صراع شخصي داخل الأسرة الساركوزية الواحدة من منطلق الطموحات الخاصة المعروفة عند فرنسوا كوبيه، المسؤول عن فوج الساركوزيين في البرلمان وغسافييه برتران، السكرتير العام للاتحاد الأقرب إلى طروحات الرئيس ساركوزي · الأول - وكما مر معنا من قبل - راوغ الجميع في الأيام القليلة الماضية وتجاوز صلاحيات برنار اكواييه، رئيس الجمعية الوطنية والرئيس نفسه حينما دعا إلى قانون يمنع ارتداء البرقع بشكل لا يقبل النقاش والثاني انتهز مساء أمس فرصة ذهبية للدعوة الى منع الجنسية الفرنسية على مرتدية البرقع على مرأى ومسمع إريك بيسون، وزير الهوية الوطنية والهجرة وكريستيان ستروزي، عمدة مدينة نيس وزير الصناعة وحوالي 3000 مناصرة ومناصر صفقوا مطولا على قوله بأن البرقع سجن المرأة· المناسبة المذكورة كانت فرصة سانحة لغسافييه برتران للدلو بدلوه في ضجة المقلب الذي دبره النائب الاوروبي الاشتراكي فانسان بييون حينما قاطع في آخر لحظة دعوة أرليت شابو، منشطة البرنامج الشهير ''لكم الحكم'' الذي تبثه قناة ''فرانس تلفزيون'' بسبب مناقشة موضوع الهوية الوطنية وحضور إريك بيسون ومارين لوبان، نائبة الجبهة الوطنية المتطرفة وتواطؤ قناة عمومية بدت غير محايدة كما يعتقد بييون· وكرر غسافييه ما قاله كل رفقاء دربه مؤكدا أن موقف النائب الاشتراكي ينم عن سلبية غير جديدة في مسار الاشتراكيين ومستلهما مبررات بيسون الذي سبق وأن هاجم الاشتراكيين بسبب تجاهلهم أهمية الهوية الوطنية، الامر الذي سمح لليمين المتطرف بتوظيفها ضد كل خصومه قبل أن يوقف ساركوزي زحفه وينهي احتكاره إثر فوزه التاريخي في الانتخابات الرئاسيات الاخيرة على حد تعبيره اثناء مواجهته مارين لوبان· ويجدر الذكر أن تنقل اتحاد الأغلبية الشعبية إلى مدينة نيس ممثلا بأمينه العام بغرض تقديم تهاني العام الجديد لا يخرج عن نطاق الحملة السياسوية المحمومة والمتصاعدة قبل شهرين من تاريخ الانتخابات الجهوية· وجرت العادة أن تتم التهنئة المذكورة في باريس واختيار نيس لم يكن عفويا لانها جزء من منطقة بروفنس كوت دازور أو الشاطئ اللازوردي التي ستشهد صراعا مصيريا بين اليمين واليسار الاشتراكي في انتخابات ستحدد معالم الانتخابات الرئاسية المرتقبة في عام .2012