أوليفييه بزنسنو زعيم الحزب التروتسكي المناهض للرأسمالية وأشهر ساعي بريد في العالم، يزعج من جديد نيكولا ساركوزي بشكل غير مسبوق، وهذه المرة لا يحاربه على الصعيدين الاقتصادي والسياسي كما جرت العادة من خلال تنديده الأزلي بسياسة الرئيس التي تخدم الأغنياء على حساب الفقراء. زاوية الحرب التي يشنها بزنسنو هذه الأيام مثيرة وهادفة على الصعيد الاجتماعي بكل المعايير، وتصلح كمادة ساخنة في الصحافة الجادة الرصينة والصفراء على السواء، رغم أنف زعيم الحزب التروتسكي الذي يعيش بأجرة 1100 أورو شهريا، ولا أدل على صحة ذلك اهتمام الصحافة العالمية بقبوله إلهام موسعيد المتحجبة والبالغة من العمر 22 عاما كمرشحة تروتسكية لخوض غمار معركة الانتخابات الجهوية التي ستنظم الشهر القادم مباشرة بعد انتهاء مسلسل الانزلاقات الخطيرة التي عرفها النقاش حول الهوية الوطنية على خلفية التمهيد لمنع ارتداء البرقع في فرنسا. السويسريون الذين صوتوا قبل أشهر ضد بناء المآذن يتابعون باهتمام لافت ما يحدث في فرنسا بحكم الجوار الجغرافي واللغة الفرنسية المشتركة والتحالف الإيديولوجي الجامع بين توجهات اليمين واليمين المتطرف في البلدين، خاصة في الشمال الشرقي الجرماني. وفي هذا السياق انفردت صحيفة ”لاتربون دو جنيف” بالضجة التي تثيرها المرشحة الإسلامية المناضلة في حزب تروتسكي يصر على تحدي ساركوزي في منطقة بروفنس الب كوت دازور البرجوازية المخملية. وكتبت الصحيفة السويسرية مهللة باحتجاج بعض المناضلين التروتسكيين الذين يرون في ترشح إلهام موسعيد الإسلامية تناقضا صارخا مع العلمانية والتوجه الإيديولوجي للحزب اليساري المتطرف الذي يرأسه ساعي البريد أوليفييه بزنسنو. وعززت موقفها المؤيد للمصوتين على منع المآذن والبرقع كتحصيل حاصل بوقوفها عند تصريح مارتين أوبري السكرتيرة الأولى للحزب الاشتراكي التي أكدت أنها ترفض تقديم مرشحة إسلامية في قوائم الحزب الاشتراكي، شأنها في ذلك شأن الحزب اليميني المتطرف. بزنسنو الشاب الكادح لم يعبأ بإجماع اليسار واليمين في موضوع ترشح إلهام، وذكر خصومه بأن الإيمان مسألة شخصية لا تشكل تناقضا مع أهداف الحزب التروتسكي، وفضح خلفية المتشبثين بالعلمانية سكوتهم المطبق حيال نضال مئات من رجال الكنيسة في صفوف حزبه بمن فيهم الراحل الشهير لابيه بيار مؤسس جمعية ايمايوس الخيرية في عز شتاء عام 1954 دفاعا عن الفقراء والمهمشين الذين مازالوا يموتون في عز البرد القارس. المرأة الثانية التي تثير استياء الساركوزيين والمعارضين لارتداء أنواع الحجاب المختلفة والبرقع بوجه خاص، تتمثل في شرطية تعمل كعون رقابة في الدائرة الحادية عشرة بباريس. والمرأة الثانية ليست مناضلة يسارية ورفضت الخضوع لميثاق العلمانية الذي صودق عليه عام 2007 باسم الحرية الشخصية فقط. ويجدر الذكر أن قضية المرأتين قد أثارت الصحافة السويسرية بعد أن اهتمت برفض وزير الداخلية إريك بيسون منح الجنسية لمغربي قيل إنه فرض ارتداء الحجاب على زوجته الفرنسية.