تفتح يومية ''الفجر'' منبرها لاستقبال كتاباتكم ومقالاتكم للتعليق وإبداء مواقفكم بشأن العديد من القضايا الوطنية والدولية المطروحة، كأن نجمع في عدد واحد موضوعاتكم حول الجدار الفولاذي في مصر، أو الحصار على غزة؛ وأيضا موضوع وباء أنفلونزا الخنازير في العالم، وفي الجزائر، أو قضية المآذن والبرقع في أوروبا، أو ما يعرف ب ''الإسلاموفوبيا''، بالإضافة إلى مواضيع تتعلق بالإضراب والنزاعات الاجتماعية في قطاعات التربية والتعليم العالي والصحة· الصفحة تحت تصرفكم، شرط أن لا تتضمّن مقالاتكم وتعليقاتكم أي تجريح لأي بلد أو شخص أو مسؤول، وألا تكون المقالات طويلة· ذكريات مصرية منذ بداية الحملة الإعلامية المسعورة على بلدنا وأنا أهز رأسي أسفا على الانحدار الذي انزلق فيه الإعلاميون المصريون·· أدعياء الفهم والتفوق والتميز·· ومع ذلك لم أشأ أن أساهم ولو بحرف واحد رغم أن كثيرا من الجرائد فتحت بابا واسعا للمساهمات وذلك وفاء للعروبة أولا ولبعض الأساتذة الذين درسنا على أيديهم· نحن لا ننكر هذا أبدا، إلا أننا لم نتعلم منهم العربية مع الأسف، لأنهم أبعد العرب عنها، والمصريون هم من تتغلب لهجتم على فصاحتهم والنادر القليل منهم من يتحرى الكلام با لفصحى مهما كان المنبر الذي يخطب منه أو النادي الذي يحاور فيه·· أكثر من هذا هناك دعوات من هنا وهناك إلى تمصير الكتابة أيضا كما حدث مع المحادثة والحوار، ومع ذلك فهذا لم يكن مهمًا لولا المقال الذي كتبه من يسمي نفسه ''الدكتور يوسف زيدان'' في جريدة ''المصري اليوم'' في شهر نوفمبر الماضي وهو كلام يوحي أول ما يوحي عن أعماق صاحبه، فكل إناء بما فيه ينضح، ولست أدري كيف استطاع من يسمي نفسه دكتورا أن يتقيأ كل تلك الأحقاد السوداء، دون أن يشعر بذرة حياء من قرائه المنصفين من أبناء بلده فما بالك بالقراء الآخرين؟! لكن يبدو أن السيد يوسف تعود على صمت الآخرين الذين يضطرهم إليه المصريون بكثرة ضجيجهم فيحسبونه علامة الرضا ويمضون في صلفهم وتعاليهم على بقية العرب، وينسون أننا في عصر الأنترنت وأن العلوم لم يعد بإمكان أي كان احتكارها ولو كان مصريا·· مع ذلك ولأن الزمن هو زمن الرداءة والصيد في المياه العكرة فإن سيادة الدكتور أراد أن يشعر بدفء الدكتوراه وهو لن يحس بذلك حتى ترضى عنه السلطة فلا بأس من أن تكون الجزائر والجزائريون كبش فداء، لم لا وهو يستطيع مراضاتهم بعد ذلك·· أولم يفعل؟ بلى فها هو يقدم اعتذاره لصديقه الكاتب واسيني الأعرج والذي تقبله بطيبة الجزائري الشهم الذي لا يعرف النفاق ولا يحمل الضغينة لأي كان، ولم يفعل ذلك إلا بعد أن حقق أهدافه على حساب كرامة بلدنا وشعبنا، وهو بذلك يكون قد حذا حذو أشباه الإعلاميين في بلده، الذين انحلت عقدهم كلها بما فيها عقدة إسرائيل ولم يبق منها إلا الجزائر فراحوا يتهجمون على الجزائريين أحياء وأمواتا لعلهم بذلك يشبعون غرورهم المعهود·· وقد تركهم الجزائريون يبلسمون هزيمتهم بطريقتهم لأن الجزائريين غير متعودين على·· الشحاتة·· على أبواب السيدة زينب والسيد الحسين، ومع أن أدباءنا الكرام لم يردوا على الدكتور المزعوم وآثروا الصمت الذي هو فعلا حكمة، إلا أنني ارتأيت أن أذكّر هذا الكاتب ببعض الذكريات التي نسيها أو تناساها لأن أطماعه أعمته عن تذكرها·· وذلك اعتذارا مني لكل الجزائريين الذين ليس كمثلهم أحد باعتراف المصريين أنفسهم··· أولا: تقول إن الجزائر بلد يعتصره البؤس!؟ فيف دفعت بلادكم بآلاف المتعاونين وبشهادات مؤقتة أو ربما مزورة للعمل في الجزائر البائسة·· ألكي تقتسم البؤس مع أهلها أم كي تغطي على البؤس في بلد العشوائيات وسكان الترب؟ ثانيا: إذا كان الجزائريون مثالا للغباء والعنف المطلق فلماذا كنتم ولا زلتم تتسابقون على خيرات بلادهم وتتحملون غباوتهم وعنفهم·· بل إنكم وإلى عهد قريب كنتم تثنون عليهم وتصفونهم بالطيبة والكرم والسخاء··· إلخ؟ أم أنكم جبلتم على النفاق؟ وعجنتم بماء المصالح الشخصية؟ وإذا كانوا يفضلون التعلم في فرنسا على التعالم في مصر فذلك لأنهم يجدون في فرنسا الحرة·· كما تقول أنت·· من الاحترام والإنسانية ما لم يجدوه عند إخوة الدم والدين، ولأن فرنسا رغم أنها كانت تستعمر بلدنا إلا أن مؤسساتها التعليمية والجامعية من الرقي والتحضر بحيث أنها لا تخلط بين الأشياء·· والدكاترة هناك يترفعون عن حشر أنوفهم في السياسة، فما بالك بالجلد المنفوخ؟ ثالثا: ادعيت لنفسك ما ليس فيك وادعيت في الجزائريين صفة هي آخر ما يمكن إلصاقها بهم وإلا دحضت كل ما قاله كل الإعلاميين المصريين منذ بداية نعيقهم وتحاملهم على الجزائر·· فقلت إن بعض الطلبة الجزائريين ورغم أنك قلت لهم كلاما شعروا معه بالإهانة إلا أنهم لم يفعلوا شيئا لأنهم بطبعهم جبناء·· وأنا أقول لك إنه لو أن هذا حدث فعلا، وبالطريقة التي ذكرت، لكان أجبن جزائري ضمن وفد الطلبة فقأ عينك أنت الآخر فأصبحتما دكتورين بدل دكتور واحد الذي فقأ بلومي عينه عن طريق الخطأ فأقمتم الدنيا ولم تقعدوها كما لم تفعلوا حتى مع إسرائيل·· ولم لا يفعل الجزائريون ذلك وهم كما تزعم من أعنف الشعوب وأكثرها تعصبا يا متحضر؟ رابعا: تقول إن عبد الناصر أغدق الأموال على بلدنا وأمده بالمدرسين·· من أي بئر كان يستخرج عبد الناصر·· من الأهرامات أم من الحاسي؟·· أما المدرسون فهم كغيرهم ممن استقدمتهم الجزائر من كل أصقاع الدنيا وكان ذلك شرفا لهم لأن سمعة الجزائر كانت تسبقها وخيراتها تجعلها تستقدم من تريد، إضافة إلى أن هؤلاء مشكورين أخذوا من الجزائز والجزائريين أكثر من حقهم وباعترافهم، إلا من كان طبعهم الجحود والنكران وهم قلة شاذة، تحفظ ولا يقاس عليها، ناهيك عن أن المصريين ومنذ عرفناهم عرفنا أنهم كانوا ولا يزالون يريدون إحراز قصب السبق من دون العرب جميعا لشعورهم الخاطئ بالتميز، ولنظرتهم المتعالية إلى غيرهم من العرب، وخاصة عرب المغرب العربي، وهي نظرة لم يلاقها المغاربيون حتى من الاستعمار الفرنسي نفسه! وحتى السياسات المتعاقبة في مصر كانت واضحة فالساسة يلقون بمواطنيهم في شتى أنحاء الدنيا لكي يستأثرون بأم الدنيا إن كانت كذلك فعلا··· خامسا: حشرت أنفك في الاقتصاد أيضا وفي شؤون داخلية خاصة جدا فرحت تدافع عن مواطنك نجيب ساويرس وأنت تجهل أن المستثمرين الذين يأتون إلى الجزائر، وخاصة المستثمرين العرب، يعتقدون أنهم يستطيعون استغباء الجزائريين لكي يغرفوا من خيراتها بامتياز ثم يتهربون من الضرائب باحتيال· سادسا: إن من تسميهم المجرمين وحملة السكاكين افتراء وتجنيا وغيرة، هم مجرد أطفال حملتهم فرحتهم وآمالهم في فوز فريقهم على مناصرته بكل براءة دون أن يحسبوا تلك الحسابات التي جنّد لها الدكاترة والإعلاميون بعد أن طار النوم من عيونهم رعبا من أولئك المراهقين، فمن هو الجبان يا ترى؟! سابعا: قلت إن قطع العلاقات مع الجزائر لا يؤثر في مصر والعكس هو الصحيح، والدليل على ذلك أن مصر ومنذ بداية الأزمة وهي تبحث عن الوسيط الذي ينهي الخلاف لكي تعود إلى الاغتراف مع من يغترفون، ووحدها الجزائر ترفع رأسها شامخا وكما اعتادت وتقول إن لا خلاف لها مع مصر، فمن هو المتضرر من قطع العلاقات يا ترى؟ ثامنا: ذكرت كلاما صحيحا في آ خر مقالك وهو أن الجزائر لا يصح أن تكون خصما لمصر ولا كفؤا لها·· فعلا، فالجزائر قطعة قدسية حباها الله بكل أنواع البهاء والعطاء كما ألهم أهلها خصال الشهامة والكرامة والوفاء··· تاسعا: هناك نقاط أخرى أردت إثارتها بخبث وكان الهدف واضحا كحديثك عن المغرب والمغاربة الذين هم منا ونحن منهم وشعوب المغرب العربي لا تعرف التقسيم إلا على الخرائط الجغرافية، فأين مصر من غزة والسودان؟ أخيرا·· أتمنى ألا أكون وقعت في فخ العنصرية والتعصب مع أنني لست دكتورة ولكني جزائرية وإني لبذلك فقط أفتخر··· ف· ز· بولعراس