لا أريد في هذه الصيحة أن أكون مثل الإعلام المصري أدعو لأم درمان إن حوصرت بنغيلا ··! على طريقة المصريين أدعو لسيناء إن سقطت القدس··! أو على طريقة ملوك بني الأحمر أدعو للأندلس إن حوصرت حلب··! بل أقول فات الأوان يا ''أشقاءنا'' في مصر. وبلا نفاق حتى ولو كان يشبه النفاق المصري، فإن الجزائريين يتمنون الانتصار على المصريين ولا يريحهم أبدا انتصار مصر عليهم·· وفي حالة تأهل مصر إلى الدور النهائي فإن الجزائريين ستكون قلوبهم مع من يقابل مصر·· وليس مع المصريين! وهذا الأمر لا يمكن أن يلغى من قلوب الجزائريين بتعليمة من وزير الخارجية الجزائري أو وزير الإعلام كما هو الحال عندكم؟! ومن يقول لكم يا مصر خلاف هذا فهو كاذب ومنافق··! هذا على صعيد الكرة، أما على صعيد السياسة والاقتصاد والعلاقات بين البلدين، فالصورة ستكون أكثر سوادا بالنسبة للمصريين··! فلا يمكن أن يعود السكوت الجزائري عن الأفعال السياسية وغير السياسية التي تمارسها مصر بعنجهية إلى سابق عهده··! وستكون السياسة الجزائرية في المسائل العربية والإفريقية في خط متواز مع السياسة المصرية·· ومن يقول خلاف ذلك في الحكومة الجزائرية سيكون سابحا في تيار معاكس لرغبة الشعب الجزائري··! وفي الاقتصاد توجد رغبة كبيرة في الجزائر تدعو إلى التخلص من استغلال المصريين للجزائريين في مجالات اقتصادية باسم العروبة ضمن سياسة مصر لبيع العروبة إلى العرب··! ويجب أن يعرف المصريون أن ما قاموا به ضد الجزائر لا يمكن إصلاحه في المنظور القريب··! فلا يكفي أبدا أن يوجه وزير الإعلام المصري رسالة تهدئة إلى قنواته الفضائية ليتم إصلاح الأمر·· أوحتى قيام أبو الغيط بمهاتفة مدلسي وزير خارجية الجزائر وتهنئته بالترشح للدور النصف نهائي، ليتم إزالة ما قامت به مصر··! المعالجة الجدية للعلاقات الجزائرية المصرية لا تكون بهذه الأساليب التي كانت تتبعها مصر مع دول الشرق الأوسط··· فالأمر في الجزائر يختلف تماما·· الجزائر قالت: إن الجامعة العربية تتطلب الإصلاح، وإصلاحها يتطلب بالأساس إخراجها من دائرة الهيمنة المصرية· وبتعبير أكثر دقة··لا بد من إنهاء حالة النصب والاحتيال الذي تمارسه مصر على العرب بهذه الجامعة··! تصوروا الجامعة العربية لم تتحرك عندما هاجم الإعلام المصري الشعب الجزائري·· وتحركت فقط عندما أصدر وزير الإعلام المصري بيانا يدعو إلى التهدئة··! فتحركت الجامعة العربية هي أيضا لإصدار بيان مماثل··! هذه التبعية ينبغي أن تنتهي··! وسواء حضرت مصر القمة القادمة في طرابلس أو لم تحضر، فأمر إنهاء هذه المهزلة التي تسمى الجامعة العربية ينبغي أن يبحث، وتتمنى الجزائر أن ترتكب مصر حماقة أخرى وتغيب عن هذه القمة بغرض تعطيل بحث موضوع الجامعة العربية··! ففي هذه الحالة فإن الذي يصبح مطروحا ليس إصلاح الجامعة بل غلقها من الأساس··! والأكيد أن التعطيل المصري بالغياب لم يعد يجدي·· وإذا حصل سيكون علامة أخرى على انتهاء الدور المصري في الاحتيال على العرب في المنطقة سياسيا وأمنيا! من حق مصر كدولة لها التزامات دولية وقعت عليها مع أمريكا وإسرائيل أن تحترم تعهداتها هذه في رسم سياستها الخارجية إزاء قضايا الشرق الأوسط وعديد القضايا الأخرى في المنطقة وفي العالم ··لأن هذا من حقها كدولة لها سيادة··! أو يفترض أن تكون لها سيادة؟! لكن ليس من حق مصر أن تجعل العرب، كل العرب، وعبر الجامعة العربية التي تسيطر عليها بالبلطجة السياسية خاضعين سياسيا لالتزامات مصر الدولية هذه، والتي التزمت بها مصر خارج الجامعة العربية وبدون موافقة العرب؟! أو على الأقل بدون موافقة بعض العرب ومنهم الجزائر··! وبالعربي الفصيح وخارج اللهجة المصرية·· الجزائر تريد جامعة عربية خلاصة مستخلصة لإرادة العرب كل العرب، وليس خلاصة لسياسة مصر مسوقة ومجمرة احتيالا عبر جامعة مصرية تسمى ظلما بالجامعة العربية··! لقد انتهى عهد مصر ''الكبيرة'' التي تستدعي من تشاء إلى شرم الشيخ وتقرر ما تشاء·· ثم تدعو إلى قمة عربية تبصم فيها العرب العاربة والمستعربة على قرارات مصر باسم العرب··! ويخطئ من يعتقد أن ما حصل مؤخرا بين مصر والجزائر هو بسبب ''ماتش كرة'' يمكن تجاوزه·· ماتش الكرة كان القطرة التي أفاضت الكأس··! الجزائر طالبت بإصلاح الجامعة العربية منذ 10 سنوات ولم تفهم مصر هذا الإحساس·· والجزائر كانت ضد غزو العراق باسم الجامعة العربية··! والجزائر كانت ضد مصر في موضوع تجريم المقاومة في لبنان·· والجزائر كانت ضد ما حصل في غزة بتواطؤ إسرائيلي فلسطيني مصري صارخ ! والجزائر كانت ضد انضمام مصر إلى معسكر إقلاق سوريا باسم لبنان··! منذ سنوات وسياسة الجزائر في المنطقة تشكل الخط المتوازي لمصر··! وكان على مصر أن تفهم·· ولكن متى كان المصريون يفهمون! هناك مخرج واحد أمام المصريين هو العودة إلى الحقيقة والتعامل مع الدول العربية بصورة مغايرة عن حالة الانتفاخ السياسي الذي تمارسه مصر على نفسها وعلى العرب، وهي أجوف من فؤاد أم موسى! وصراحة بود الجزائر أن تحترم مصر··! لكن بكل صدق لم يعد هناك أي شيء لدى مصر يستحق الاحترام! وبحثنا عن شيء واحد نحترمهم به فلم نجده··!