تزخر مدينة تيبازة الفاتحة ذراعيها على بعد 75 كيلومتر عن الجزائر العاصمة بمعالم تاريخية تعود إلى آلاف السنين والتي لا تزال آثارها شاهد عيان على السكان الذين استوطنوا هذه الأرض، حيث أصبحت مقصد السياح ومنبعا للتاريخ والسياحة وإبداع الإنسان زارت “الفجر“ مدينة تيبازة لتكتشف جمال هذه المنطقة الأثرية، التي تستقطب الأنظار وتستدعي وقفة تأمل طويلة لتنطق وفي كل لحظة بسبحان خالقها، حيث تتعدد المعالم التاريخية التي أرجعتنا إلى الماضي لنعيش جمال الحقبة التاريخية التي عمّر فيها الفينيقيون لآلاف السنين. جولتنا قادتنا إلى واحدة من تلك المعالم التاريخية الموجودة بمدينة تيبازة المصنّفة ضمن منظمة التراث المادي، حيث تعتبر كنيسة القديسة “صالصا“ من أجمل الآثار التي لا تزال تطبع أحياء المدينة والتي تحوّلت إلى مكتبة يتردد إليها الطلبة للمطالعة. يروي السيد ميلود، مدير المكتبة، تاريخ هذه الكنيسة ويقول إنها شيدت عام 1877 بعد احتلال الاستعمار الفرنسي للمنطقة. وأضاف قائلا بأن بناء هذه الكنيسة كان هدية للمرأة الأمازيغية و“صالصا“ باللغة العربية معناها “مالحة“، التي عرفت بنبل أخلاقها ودفاعها بشدة عن المسيحية في وقت الرومان الذين كانوا يضطهدون المسيحيين. وأضاف ذات المتحدث بأن القديسة “صالصا“ كانت امرأة قوية وشجاعة، حيث كانت لها معجزات عديدة، كما أنها كانت تقاوم الرومان وتحارب آلهتهم المزعومة المتمثلة في مصباح ضوئي، وكانت هذه الأخيرة تحاول أن تتخلص من جاهليتهم بالتصدي إليهم وجعلهم يؤمنون بالله.وللتخلص من القديسة “صالصا“ قام الرومان برجمها وتعذيبها حتى الموت وألقوا بجثتها في البحر الذي ثار حزنا على فقدان هذه المرأة النبيلة، ليعثر عليها صياد انتشلها وعاد بها جثة كما هي، حسب ما يرويه السيد ميلود. وتشير الرواية إلى أن الرومان اعترفوا بقيمة هذه القديسة ومكانتها، فبنوا لها ضريحا تكريما لها في الجهة الشرقية من المدينة يسمى مقبرة القديسة صالصا، والتي لا تزال قائمة لحد الآن ورمزا للمعالم التاريخية والأثرية. من جهتها، طالبت بلدية تيبازة استغلال هذا المعلم التاريخي بعد الاستقلال من الديوان الوطني لحماية الآثار، بعد أن كان مهمشا ومهملا وعرضة للعوامل الطبيعية القاسية، حيث تآكلت جدرانه واهترأت أسقفه إلى درجة فقد فيها لمعانه، الأمر الذي دفع هذه الأخيرة لتحويله إلى مكتبة للمطالعة والتثقيف وفي الوقت ذاته متحفا يزوره كل هاو يعشق التاريخ. وفي جلسة استطلاع مع الشباب الموجودين بذات المكان، قالت الطالبة لمياء “أهوى المطالعة في هذه المكتبة التي تفتح شهية كل قارئ لجمال ورونق التصاميم واللوحات الفسيفسائية المتعددة الألوان والأشكال، حيث أقصدها كل مساء وفي أيام العطل أنا وصديقاتي لنستمتع بوقتنا في هذا المتحف“.