توجد مراحيض أغلب ابتدائيات العاصمة إذا صحّ تسمية جدران تحوي حفرة بالمرحاض في حالة “لا تحسد عليها“، وكأن الوالج إليها يظن نفسه في إحدى ابتدائيات المناطق النائية في أفقر ولايات الوطن، فإذا وجدت المراحيض بالعدد اللازم فإن أبوابها لا تغلق أو غير مهيئة ل“استقبال“ من يدفعهم قضاء حاجاتهم الطبيعية إلى “الاستنجاد“ بها، وفي غالب الأحيان لا تتوفر على المياه في هذا الملف، أكد لنا العديد من الأولياء أن النصيحة التي تتكرر كلما همّ أبناؤهم لالتحاق بمدارسهم “لا تدخلوا إلى المراحيض حتى لا تصابوا بالأمراض“، في الوقت الذي أسر لنا فيه العديد من مدراء المؤسسات التربويّة أن الأمر يتعداهم لأن الميزانية التي تخصّصها لهم البلديات لا تكفي حتى لشراء المنظفات فما بالك بإعادة تهيئة مراحيض، في حين تنادي جمعيات أولياء التلاميذ إلى إلحاق ميزانية الابتدائيات بوزارة التربية. وحسب الأطباء فإنه يتوجب عند كلّ استعمال للمراحيض الجماعية تنظيفها بالمطهرات لتفادي الإصابة بالأمراض، فإذا كان 1غرام من الفضلات حسب الأخصائيين يحوي على مليون جرثومة، فلكم أن تتصورا عدد الجراثيم التي يمكنها أن تدخل جسم الأطفال وما يمكنها أن تفعله به. حاولنا من خلال هذا الملف طرح المشكل ب“جدية“ على الأطراف الفاعلين في المجتمع، واستندنا فيه إلى واقع بعض مراحيض الابتدائيات الذي يمكن إسقاطه على أغلب ابتدائيات العاصمة، كما وضعنا نموذجا لما يجب أن يكون عليه الحال.
من أجل الكشف عن وضعية مراحيض المدارس الابتدائية، قمنا بجولة قادتنا إلى بعض المدارس المتواجدة في بلدية بوزريعة في العاصمة من بينها مدرسة محمد هندو وطالا بولما ومدرسة ميزاحم، رفقة ممثلة عن البلدية وعضو من جمعية أولياء التلاميذ.
مراحيض مدرسة محمد هندو.. المرض بعينه قمنا بجولة استطلاعية في مدرسة محمد هندو، التي ترجع نشأتها إلى سنة 1890، وتعتبر من أقدم المدارس على مستوى البلدية، وتضم 211 تلميذ يدرسون بنظام الدوامين. وكشفت المديرة، حكيمة قرة، ل“الفجر“ أن المدرسة تعاني من اكتظاظ التلاميذ على مستوى الأقسام، بالإضافة إلى هشاشتها وضيقها، مؤكدة أن المراحيض في وضعية كارثية، محذّرة من حدوث مشاكل صحية للتلاميذ خاصة المرضى المجبرين على دخولها. وأشارت المتحدثة إلى أن المدرسة بحاجة إلى التفاتة من السلطات المحلية، فهي تحتاج إلى ترميمات في أقرب الآجال حتى يستطيع التلاميذ مواصلة دراستهم في ظروف حسنة. وبعد طرح مشكل المدرسة على رئيس بلدية بوزريعة، عبد الحميد معمري، والتي تتعلق بمصير مدرسة محمد هندو، أكد لنا أن المدرسة مصنّفة ضمن قائمة المدارس التي خصصت لها ميزانية من أجل ترميمها، مشيرا إلى شراء بناءات جاهزة تعوض مبنى المدرسة القديم كما أن أشغال الترميم ستبدأ قريبا. مرحاض واحد وقديم لكافة العاملين بمدرسة فاطمة الزهراء طالا بولما تركنا مدرسة محمد هندو على أمل أن تتحسن وضعية أطفال المدرسة مع تحسين وإعادة بناء وترميم المدرسة، لنتجه إلى مدرسة فاطمة الزهراء طالا بولما والتي أنشئت سنة 1870 والتي تعتبر كذلك من أقدم المدارس على مستوى البلدية. ومن أجل تجاوز مشكلة الاكتظاظ الذي أصبح يهدد المدرسة، قام رئيس بلدية بوزريعة بتحويل كنيسة قديمة تقع أمام المدرسة إلى قاعة يدرس فيها قسم من تلاميذ السنة الأولى ابتدائي بتعداد يزيد عن 40 تلميذا، كمبادرة جيدة استحسنها أغلبية الأساتذة والمعلمين والعاملين في المؤسسة التربوية. التقينا في مدرسة طالا بولما المساعدة التربوية لملحقة إكمالية الخليل التابعة للمدرسة، وكشفت لنا أن الإكمالية التي ألحقت بالمدرسة تضم 200 تلميذ في السنة الأولى متوسط، مشيرة إلى أن هذه الابتدائية تضم لوحدها 270 تلميذ. وأكدت لنا المساعدة أن هناك عدة مشاكل تتخبط فيها المدرسة، فإلى جانب الاكتظاظ فهي تعاني من قلة المراحيض وعدم نظافتها، مضيفة أن المدرسة تحتوي على 4 مراحيض، اثنان منها مخصصة للذكور والاثنين الآخرين مخصصة للبنات، ومرحاض واحد يتداول عليه الأساتذة والمراقبون والمساعدون التربويون والمديرة والعاملون في المؤسسة. وأشارت المتحدثة إلى معاناة التلاميذ جراء الاكتظاظ أمام المراحيض بسبب قلتها، مضيفة أن تلاميذ المتوسطة يجدون صعوبة في استخدام المراحيض بسبب طولهم وقصر أبوابها. كما أكدت أن الدخول إلى المرحاض أصبح يحرجهم، محذرة من تعرض التلاميذ إلى التهابات خطيرة بسبب انعدام النظافة فيها. ابتدائية ميزاحم.. نموذج لما يجب أن يكون وبعيدا عن الحالة المأساوية التي تعاني منها المدرستان السابقتان، تشهد المدرسة الابتدائية ميزاحم في أعالي جبال بوزريعة وضعية حسنة مقارنة بالسابقتين، حيث تعود نشأتها إلى سنة 1992 وهي حديثة النشأة بالمقارنة مع المدارس السابقة. وكشف لنا مدير الابتدائية، كحل الراس صديق، أن المدرسة تستوعب 355 تلميذ يدرسون بنظام الدوام الواحد، وهي تحتوي كذلك على مطعم يقدم كافة الوجبات الباردة والساخنة للتلاميذ.وأضاف المتحدث أن المدرسة تحتوي على 10 مراحيض، “أربعة منها مخصصة لتلاميذ الطور التحضيري من أجل إيجاد راحتهم، إضافة إلى أن التلاميذ الأكبر سنا لا يشاركونهم هذه المراحيض المخصصة لهم“ على حد قوله. وأشار المدير إلى أن ثلاثة مراحيض مخصصة للبنات وهي مزينة باللون الوردي وهي في حالة جيدة، مضيفا أن للذكور نصيب من المراحيض والتي زينت باللون الأزرق وخصصت لهم ثلاثة مراحيض. وأفاد مدير المدرسة أنه من أجل الحفاظ على سلامة وصحة التلاميذ قامت المؤسسة بتوفير حوض للغسيل مع حنفيات من أجل حمل التلاميذ على النظافة.
رئيس المجلس الشعبي لبلدية بوزريعة بالعاصمة ل“الفجر“ مراحيض المدارس الابتدائية في قائمة الأشغال الميزانية الممنوحة من طرف الوزارة للبلديات لا تكفي لإعادة تهيئة حتى مراحيض المدارس
لم ينف رئيس المجلس الشعبي البلدي لبوزريعة، عبد الحميد معمري، الوضعية المزرية التي آلت إليها مراحيض المدارس الابتدائية في البلدية، مرجعا سبب ذلك إلى قلة الإمكانيات المادية ونقص الميزانية الممنوحة من طرف الوزارة والمخصصة لتهيئة وترميم المدارس، مؤكدا أن المسؤولية عن الوضعية مشتركة بين مدراء المدارس والبلدية وأولياء التلاميذ. وأكد المتحدث في تصريح ل“الفجر“ أن هناك عدة نقائص على مستوى المدارس، خاصة بالنسبة للمراحيض، مشيرا إلى أن نقص وصول المعلومة إلى مكتبه تؤدي إلى تفاقم الوضع والذي يكون نتيجة عدم التواصل بين كل المصالح. وأضاف المتحدث أنه لو تقدم الأولياء بشكوى إلى المعلمين وبدورهم يوصلون المعلومة إلى مدير المدرسة، الذي يقوم بعرضها على جمعية أولياء التلاميذ وتقوم هذه الأخيرة بطرح انشغالات المدرسة والمشاكل التي تعاني منها على مكتب رئيس البلدية لما تدهورت وضعية المراحيض. وأكد رئيس البلدية أن الميزانية الممنوحة من طرف الوزارة لتهيئة المدارس لا تكفي، وعليه فالترميم يكون حسب الأولوية، فإن كانت المدرسة متضررة وتحتاج إلى ترميم تكون في مقدمة الأشغال. وأشار المتحدث إلى أن البلدية تنجز ما يقارب 25 عملية خلال السنة تشمل إعادة تهيئة المدارس وترميمها، مضيفا أن ترميم المدارس يكون عن طريق طرح البلدية المشروع على مقاولين، ومن خلال المناقصة يتم اختيار المقاول الذي يستلم المشروع من أجل الشروع في الأشغال على مستوى المدرسة. وأشار المتحدث في ذات السياق إلى أن هناك عدة مشاكل وصعوبات تؤدي إلى تأخر في إصلاح المشاكل المتعلقة بالمدارس، ومن بين المشاكل التي تعيق البلدية مشكلة تحضير الوثائق المتعلقة بالصفقات والتي تمر على مراحل إدارية.
رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ يطالب بإلحاقها بوزارة التربية أغلب مراحيض مدارس العاصمة تفتقر لشروط النظافة البلديات تتحمل مسؤولية إصابة التلاميذ بالالتهابات المتنقلة عبر المراحيض
أكد رئيس الإتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، خالد أحمد، مشكلة المراحيض التي تعاني منها أغلب المؤسسات التربوية، سواء الابتدائيات أو الإكماليات وحتى الثانويات، مؤكدا أن المدارس الابتدائية تعاني بالدرجة الأولى من مشكلة نقص النظافة على مستوى المراحيض، مرجعا سبب ذلك إلى تسيير المؤسسة الابتدائية من طرف البلديات رغم قرار وإلحاح وزارة التربية على تطبيق القانون الذي أصدر في هذا المجال من أجل ضم المدارس الابتدائية إلى الوزارة. قال رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ إن وزارة التربية تقوم بمنح مبالغ مالية للبلديات من أجل إصلاح المدارس وتجميلها، مشيرا إلى أن أغلب البلديات “تعاني من الإفلاس وعدم وعي رؤساء البلديات، بالإضافة إلى أنهم لا يهتمون بقطاع التربية ويهملونه بسبب اهتمامات البلدية بقطاعات اقتصادية وترفيهية“ يضيف المتحدث. وبخصوص عدد عمال النظافة على مستوى المدارس الابتدائية، أكد رئيس الجمعية أن عدد العمال غير كاف، بالإضافة إلى عدم وجود صيانة والحراسة داخل دورات المياه في الابتدائيات الجزائرية. وأشار المتحدث إلى أن بعض دورات المياه أصبحت مرتعا للحيوانات الضالة في المدارس التي لا تملك جدارا خارجيا مرتفعا، مضيفا أن مدارس الولايات الداخلية الأكثر تضررا من عدم نظافة المراحيض. وأوضح المتحدث أن عملية توظيف عمال النظافة والصيانة في المدارس الابتدائية ترجع مسؤوليتها للبلدية، عكس عمال النظافة العاملين على مستوى الإكماليات أو الثانويات الذين ترجع مسؤولية توظيفهم لوزارة التربية، مؤكدا أن الوزارة تتمتع بالاستقلالية وهي مرتبطة بالمناصب المالية للوظيف العمومي. كما طالب رئيس جمعية أولياء التلاميذ من السلطات تحويل تسيير المدارس الابتدائية من البلدية إلى الوزارة، مؤكدا أن هذا الطلب يتوافق مع مطلب الوزارة باسترجاع السيادة على المدارس.