نستطيع القول دون مبالغة إن فيلم ”غزة ستروف” للمخرج والمنتج المصري الفرنسي سمير عبد الله والرسام والفنان التشكيلي الفرنكو جزائري، خير الدين مبروك، يعد تحفة فنية وأدبية وسياسية غير مسبوقة ومصاغة بشكل ينم عن حس إخراجي متقدم، حقق الهدف المتوخى في الوقت المناسب الفيلم، الذي يدوم 55 دقيقة، جسد وأرخ لأحدث جرائم الكيان الصهيوني بصور سخية عكست إصراره على قتل الأطفال والنساء والرضع والبنات والشيوخ بروح وحشية مدروسة لا تبرر في أي حال من الأحوال، حجة ملاحقة إرهابيي منظمة حماس كما تتبجح أبواق الدعاية الإسرائيلية بوصفهم. كاميرات الفنانين العربيين، وظفت صور القصف الجهنمي بالفوسفور الأصفر المحرم دوليا؛ ضمن مقاربة فنية تشد المشاهد وتأسره بفضل الخلفية الصوتية التراجيدية المرتكزة على موسيقى الطبل والصمت الوظيفي والشهادات المختارة من قلب الفاجعة، بطريقة ذكية وشفافة زرعت الرعب في نفوس الصهاينة الذين تأكدوا أن تفويت فرصة مشاهدة صور ترهيب وقتل بنات في عمر الزهور، بدعوى استئصال الإرهاب يعد واجبا قوميا صيهونيا لا يختلف عن واجب محاربة غولدستون صاحب التقرير، الذي ساهمت جهات عربية ذليلة ومتخاذلة في طمس مضمونه الكاشف عن جرائم ضد الإنسانية. همجية العساكر الإسرائيليين والقنبلة الإلكترونية والفوسفورية والأسلحة والدبابات الحديثة قابلتها من خلال كاميرات سمير عبد الله وخيرالدين مبروك براءة بنات وأطفال عاشوا شهادة إكرام تحت الأنقاض، وعزلة شعب أصبح يفترش الأرض المحروقة ويقاوم بإيمان الشيخ المسن؛ الذي حلل خلفية الاستعمار الغربي وتاريخ تأسيس إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني في دقائق قلائل. وكاميرات سمير وخيرالدين لم تكشف عن شعب فلسطيني مهزوم نفسيا فقط ،والشيخ المفكر والمؤرخ والمناضل الذي تحدث بروح فجائعية هو نفسه الذي ضحك وأضحك فلسطينيين آخرين عاشوا المأساة التي لم تنل من عزيمة صمودهم، مهما بلغ حجم الشهادات وأنهار الدماء والدموع وخيانة الأشقاء ووحشية الأعداء. اجتماع مصري وجزائري يعيشان من وراء البحر لتصوير صمود الشعب الفلسطيني.. انتصار عربي على عرب الخيانة والذل والتواطؤ على بعد كيلومترات من غزة التي لن تموت، كما شهدا على ذلك سمير وخيرالدين اللذين لم يتأثرا بمخلفات مباراة كرة قدم دوّارة..