توصل ممثلو عمادات واتحاديات الأطباء العرب إلى الاتفاق على نقل مقر الأمانة لاتحاد الأطباء العرب إلى الدولة التي ينتمي إليها الأمين العام المنتخب، وهو ما يعني أن مطلب التدوير الذي شرعت في إثارته عمادة الأطباء الجزائريين منذ أكثر من سنة سيشمل المقر والمنصب، بعدما كان محتكرا من قبل مصر بدون أي سند قانوني أو تبرير موضوعي، رغم مناورات التشويش التي روّج لها المصريون لإفشال الدورة الاستثنائية للمجلس الأعلى. فقد انتخب مسؤولو عشرة تنظيمات مهنية طبية حضروا أشغال الدورة الاستثنائية المنعقدة بالجزائر يومي الجمعة والسبت الماضيين، اللبناني عميد أطباء بيروت، الدكتور جورج أفتيميس، على رأس الأمانة العامة للمجلس الأعلى لاتحاد الأطباء العرب، خلفا للمصري، أبو الفتوح، خلال هذه الدورة الاستثنائية للمجلس، بينما عاد منصب رئيس الاتحاد إلى عميد الأطباء الليبيين، الدكتور إبراهيم الشارف، في حين يتولى منصب الأمين العام المساعد للاتحاد، الجزائري الدكتور قصاب مصطفى. وبناء على نتائج الدورة الاستثنائية التي تحمل الطابع الرسمي، وليس الاستشاري كما سعى البعض إلى تكريسه واشتراطه على الحضور، فإن المقر الدائم للاتحاد سينقل من القاهرة إلى بيروت تطبيقا للتنظيم الجديد للمنظمة الذي ينص على تواجد المقر في البلد الأصلي للأمين العام، حيث تكون مصر قد فقدت احتضان المقر ورئاسته جراء موقفها الأناني، واستمرار الأزمة داخل التنظيم، بالإضافة إلى عدم المبادرة بما يفيد ترقية خدمات الصحة في الدول العربية. وأفاد البيان الذي توج الأشغال بأن الدورة الاستثنائية للمجلس التي جمعت 10 دول أعضاء صادقت على النظام الداخلي الجديد للاتحاد والقوانين الأساسية التي طرأت عليها عدة تعديلات تعتبر جوهرية، لاسيما فيما يتعلق بالتداول على مناصب المسؤولية، حيث تضمن جدول أعمال اجتماع الجزائر إعادة هيكلة الاتحاد وتعديل بعض المواد من قانونه الأساسي المتعلقة بتوزيع مهام وصلاحيات المسؤولين. وشكلت دورة الجزائر مناسبة للوقوف على الأسباب التي أدت إلى حدوث الأزمة في اتحاد الأطباء العرب ومناقشة الحلول المقترحة للخروج منها، كما كانت أيضا فرصة لتقييم الوضعية الصحية واحتياجات المستشفيات في غزة من الأدوية والعتاد الطبي. وحيا رؤساء جمعيات ونقابات وهيئات الأطباء بالدول العربية المشاركين في هذه الدورة المبادرة الجزائرية الرامية إلى “إخراج الاتحاد من الأزمة” و”توحيد صفوف الأطباء العرب” مع تفعيل دورهم في المساهمة في رسم استراتيجيات المنظومات الصحية. وتركت القرارات والتعديلات المعتمدة انطباعا بالتفاؤل وسط ممثلي الأطباء العرب، حيث أكد رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء الجزائريين والرئيس الحالي للندوة الدائمة لعمادة الأطباء الأورو - متوسطيين، الدكتور محمد بقاط بركاني، أن الاتحاد “بإمكانه من الآن فصاعدا الانطلاق مجددا على أسس قوية بغرض ضمان التكفل الطبي في البلدان العربية ومواجهة التحديات الجهوية والدولية”. وردا على مختلف الإشاعات التي يروج لها المصريون للتشويش على مصداقية دورة الجزائر، أكد الدكتور بركاني بقاط أن عمادة الأطباء الجزائريين وجهت دعوات إلى كل العمادات الأعضاء في الاتحاد العربي، من بينها مصر، غير أنها رفضت الحضور، في حين تأكد حضور عشر دول، وهو ما يكفي لتحقيق النصاب القانوني. من جهته، أكد رئيس اتحاد الأطباء العرب، الكويتي عبد العزيز العنيزي، في كلمة ألقاها في بداية الأشغال، أن اجتماع الجزائر “شرعي ومكتمل النصاب، ويهدف بالدرجة الأولى إلى توحيد الصف الطبي العربي خدمة للطب وللمريض”، وذهب المتحدث إلى أبعد من ذلك حين ذكر أن الدافع إلى عقد الاجتماع الطارئ هو “التصرفات غير القانونية للأمانة العامة الحالية للاتحاد والتعديلات غير الشرعية التي أدخلت على القانون الأساسي للاتحاد دون استشارة الدول الأعضاء”. وذكّر المتحدث بالمناسبة بأن القانون الأساسي المنشئ للاتحاد في 1961 يؤكد على أن يكون مقره الدائم في العاصمة الفلسطينية، القدس، وفي انتظار استقلال هذه الأخيرة يكون المقر المؤقت متداولا بين الدول العربية، في إشارة واضحة إلى عدم شرعية أو قانونية مطالبة مصر بالاحتفاظ بالمقر وبمنصب الرئاسة.