احتضنت دار الإمام بالمحمدية في نهاية الأسبوع الفائت، نشاطا ثقافيا اشتركت في تنظيمه مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر والرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، تمثل في إلقاء محاضرتين لكل من الأستاد مبارك عبد الكريم في مداخلة حول »الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم«، والأستاذ أحمد وارث »من وحدة الدين إلى تعدد الأديان«، وقد حضر النشاط الثقافي هذا، أئمة المساجد ووجوه وطنية وثقافية وإعلامية. الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة التي يترأسها الأستاذ عبد الحميد اسكندر بمعية مديرية الشؤون الدينية، حاولتا تكسير الروتين الثقافي السائد والخروج بدار الإمام إلى عالم الإعجاز القرآني العلمي، وكذا إلى دخول الفضاءات الفلسفية وتحريك الفكر وتوليد الأسئلة وإعلان حالة الطوارئ الفكرية، نظرا لخطر العولمة وما ينهمر من الفضائيات في إطار التداخل الثقافي والديني والفكري ووضع علامات إضاءة لإنارة الطريق، مثلما يعمل به الغرب الذي يدعي الديمقراطية والتفتح وحرية التعبير، إلا أنه يقوم بتلقيح مجتمعاته بما يسميه الخطر الإسلامي سواء في الحجاب أو المآذن أو الحملات التي تسيئ للإسلام ولخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام. المداخلة الأولى التي ألقاها مبارك عد الكريم، أستاذ لمادة الكيمياء والفيزياء، تميزت بالمحاضرة العلمية التي كشف من خلالها المحاضر، ما اكتشفه في العالم القرآني الكريم من تناغم وانسجام مع العالم الطبيعي والإنساني من خلال دقائق علمية مبنية على رقم »7«، ومن خلال هذا الرقم حاول الباحث فك لغز سبعة في القرآن الكريم مستشهدا بآيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة وقصص واردة في الأثر الديني. مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز أرقاما كثيرة منها رقم سبعة الذي نخصص له هذه المحاضرة... ويضيف المحاضر في تحليله قائلا، إن على هذا الرقم »7« قام الكون وبعض المخلوقات، وبما أن لغة الأرقام تأتي من الناحية العلمية والأكثر إفصاحا، عن لغة التعبير، وقد ذكرت عدة أرقام في القرآن الكريم لها مدلولها ومن جملتها رقم »7« الذي جاء في عدة آيات بدأ بخلق الكون اختار رقم سبعة سبع سماوات وسبع أراضين، كما نجد هذا الرقم في الذرة المركب عليها الكون تتألف من سبع طبقات إلكترونية، ألوان الطيف الضوء »7« الأرض تتكون من سبع طبقات، الأيام »7« ونجد هذا الرقم في كثير من الأحاديث النبوية التي تدل على محوريته، بالإضافة إلى أركان الإسلام والإيمان، الطواف بالبيت، الجمرات سبع سماوات، سبع سنابل، يوم القيامة، أبواب جهنم، سبع سور بدأت بالتسبيح في القرآن الكريم وحروف الهجاء العربية القابلة للقسمة على سبعة. ويخلص بنا المحاضر الى عدة ضوابط لاتباعها في الكشف عن الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم، ضوابط آتية من القرآن الكريم، منها البحث يجب أن يكون مبنيا على العلم والشرع وليس الصدفة، ترتيب كلمات القرآن بتسلسل محدد بالسلاسل الحسابية العشرية. أما الأستاذ أحمد وارث فقد اتسمت مداخلته ب »من وحدة الدين إلى تعدد الأديان«، حيث جال بالحاضرين في بعض آراء الفلاسفة ونظرياتهم ورأيهم من هيغل ومن جاء بعده. مؤكدا أن الإنسان يكتشف قدرته حين يتعالى على ذاته، علاقة الإنسان المتغير بالله الثابت، ثم حاول المحاضر أن يوضح كيف ارتبط الإنسان بالله ثم انفصل عنه ثم ارتبط به مجددا، حيث كان الربط الأول لحظة الخلق مع آدم، ثم الهبوط من الجنة لمحاولة إعادة الربط مع الله بالصلاة. كما حاول المحاضر تفسير ظاهرة حالة التدين وأوعزها إلى حالة نفسية وجزء من ماهية الإنسان وفطرته، لأنه خاصة من خصائصه منذ امتلك الإنسان وعيه بذاته، ويخلص المحاضر إلى القول، نجد في القرآن الكريم حديثا عن الوحدة الإنسانية، النظر لبني البشر في نظرة واحدة »كلكم من آدم وآدم من تراب«. كما يمنهج القرآن التعامل مع الآخر ويضبطه من خلال التحاور » قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم« ولهذا يقول المحاضر نجد مستوى الندية بين البشر، حوار الحضارات مرحبا به لكن ضمن الشروط التي وضعها القرآن الكريم. بهذا انتهت المداخلة حول وحدة الدين وتعدده بعد تحليل وتفسير واستشهادات من داخل القرآن ومن خارجه.