استخدام الأواني المصنوعة من الذهب أوالفضة فى المأكل والمشرب من الأمور التي نهانا عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلَّل ذلك النهي بأنها للكفار في الدنيا وللمؤمنين في الآخرة، وهذا من قوله جل وعلا في وصف الكفار “أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها”، وذلك لأن استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب هذا مما يفعله أهل التعلق بالدنيا والتلذذ بها وأهل الكبر والبطر، وهذه من صفات الكفار. وعلى المؤمن ذي العظة من ربه في قلبه وذي التواضع والخوف من الله جل وعلا، أن يبعد عن الكبر وأسباب قسوة القلب وملذات الدنيا.. ومن أعظم هذه الملذات الاستمتاع بالذهب والفضة في الأكل والشرب. وقد تناول الشيخ جمال المراكبى فى برنامجه “فقه المعاملات” الحديث عن تحريم استخدام الذهب والفضة في المأكل والمشرب قائلاً: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة”. وأوضح الشيخ أن الحديث دليل على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وصحافهما سواء كان الإناء خالصاً ذهباً أومخلوطاً بالفضة، إذ هو بما يشمله أنه إناء ذهب وفضة. قال النووي: إنه انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيهما واختلف في العلة فقيل : للخيلاء وقيل : بل لكونه ذهباً وفضة. وقال الإمام الجليل الشوكاني اليماني في كتابه العجاب “نيل الأوطار”: ولا شك أن أحاديث الباب تدل على تحريم الأكل والشرب وأما سائر الاستعمالات فلا، والقياس على الأكل والشرب قياس مع فارق فإن علة النهي عن الأكل والشرب هي التشبه بأهل الجنة. ويوضح الشيخ المراكبى أن النبي عندما رأى رجلاً متختماً بخاتم من ذهب قال مالي أري عليك حلية أهل الجنة (أخرجه الثلاثة من حديث بريدة )، وكذلك في الحرير وغيره والإلزام تحريم التحلي بالحلي والافتراش للحرير، لأن ذلك استعمال.. وقد أجازه البعض من القائلين بتحريم الإستعمال. وأوضح المراكبى بعد ذلك أنه لو كانت حراماً مطلقاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكسيرها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئاً فيه تصاوير إلا كسره أو هتكه، لأنها إذا كانت محرمة في كل الحالات مل كان لبقائها فائدة، ويدل على ذلك أن أم سلمة روت حديثاً حيث كان عندها جلجل من فضة جعلت فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فكان الناس يستشفون بها، فيشفون بإذن الله، وهذا في صحيح البخاري، وهذا استعمال في غير الأكل والشرب. وأضاف المراكبى: فإن قال قائل إن النبي صلى الله عليه وسلم خص الأكل والشرب لأنه الأغلب استعمالاً وما علق به الحكم لكونه أغلب لا يقتضي تخصيصه به كقوله تعالى: “وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم” كما فى سورة النساء، فإن تقييد تحريم الربيبة بكونها في الحجر لا يمنع التحريم، بل تحرمُ وإن لم تكن في حجره على قول أكثر أهل العلم.