عندما طلب مني الصديق رشدي رضوان، أن أجيب عن سؤاله هذا: هل هناك ملامح العالمية في الشعر الجزائري؟ شعرت ببعض الحيرة والارتباك؛ بسبب صعوبة الإجابة من جهة، وبسبب ثقل المسؤولية أيضا، أعتقد أن القضية الجوهرية تتمثل في التساؤل التالي: هل يوجد عندنا الشعر كخلق، وكمعبر عن الصفات الوطنية بأبعادها المدنية والاجتماعية المكتنزة بالأفق الإنساني الكوني في المشهد الجزائري العام ؟ لابد أن نتفق بأن التجربة الشعرية الجزائرية بألسنتها الثلاثة، العربية، الفرنسية والأمازيغية؛ لم تجمع كإنتاج، ولم توضع لحد الآن أمام الدارسين والنقاد والقراء معا، وهكذا أستطيع القول بأننا لا نعرف إلا الشيء القليل جدا عن تفاصيل هذه التجربة في الماضي البعيد، والمتوسط، والمعاصر لنا، إلى جانب ذلك فإن كتابات الجيل الجديد من الشعراء والشاعرات باللغات الثلاثة المذكورة آنفا، لاتزال في الغالبة مكبلة، ولم تجد طريقها إلى النشر والترويج، من أجل اللقاء بالناس. إن هذه الوضعية تحول دون تحقق إمكانية فحص إنتاج هؤلاء الشعراء والشاعرات واختيار مدى توفره على بعد العالمية الذي يستهوي الكثير للتساؤل عن وجوده من عدمه، إذا اكتفينا بالنظر إلى بنية السطح للشعر الجزائري؛ فإننا نجده خاليا من العنصرية، ويشكل هذا معلما إنسانيا، فيه. كما أن هذا الشعر في عمومه يعادي الحرب، والاستغلال، والتعسف، وينتصر للحياة.. إن هذه الأبعاد من صفات الشعر الإنساني ولكن البعد الإنسان في حد ذاته لايضع العالمية التي لاتعني في رأيي مجرد توصيل الإنتاج الشعري عن طريق الترجمات إلى اللغات الأجنبية، إلى عدد ممكن من القراء في القارات المشكلة للمعمورة. إنه صحيح بأن إحدى سمات العالمية تتمثل في وضع الإنسان في مركز الفضاء، والتعبير عن المشترك البشري من خلال النموذج المحلي ذي المميزات والصفات الدالة عليه بين النماذج المحلية للتجارب الشعرية الأخرى في الثقافات الإنسانية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وهناك سمات أخرى للعالمية كطرح الأسئلة الكبرى؛ مثل أسئلة المصير، ومن المسؤول عن حظوظ البشرية والحيلولة دون تحققها واكتمال الوعد بها؟ إن عالمية الشاعر دانتي، مثلا، لا تأتي من لغة صارت لغة الإمبراطورية الرومانية، وإنما تأتي من المعادل الشعوري لمادة الفكر، من غير أن يكون ملزما للفكر نفسه، حسب وصف إيليوت لاشك أن نفاذ الشعر إلى أبعد حدود موطن الشاعر مشروط تلقائيا وبدون تخطيط مفتعل مسبق بخلق شعر يحول ذلك المواطن إلى بيت للعالم كله باعتباره منزوع الحدود والقيود، وقابلا لأن يكون فضاء للضيافة الدائمة، إن التعبير عن الشرط الإنساني كبعد للحرية، وعن قلق الضمير، وعن الحيرة أمام الشر، والموت يفتح للقصيدة السبل نحو قلوب الناس جميعا، إن كان لهذا الفتح يتم في شكل مأساة. إنه يلاحظ بأن الشعر الجزائري في عمومه مع استثناءات قليلة وربما نادرة، مشغول بأسئلة الواقع، وليس الوجود، ومشغول بالفقر المادي، وليس بالعوز الروحي، ويبحث عن الذات في الجماعة وليس عن الجماعة في الذات، إنه كثيرا ما يغويه الربح، في حين أن الشعر الحقيقي هو الابن المدلل للخسارة والفقدان، والإحساس بالذنب أمام من لاصوت لهم. بقلم/ أزراج عمر كل عام والشعر مهرب في حقيبة..! كل عام والشعر مهرب في الحقيبة المهاجرة.. أصحو اليوم بغصة الشعر، وعلى غير العادة سأحتفل بيومه العالمي هذه السنة عكس السنوات الفارطة، التي كنت أتهرب فيها من وجه الشعر وأحتفل بعيد الأم لأن أمي نهتني عن منكر الشعر ولم آبه.. لعل كثيرا من الأمهات فعلن ذلك مع أبنائهن الشعراء فلم يأبهوا لذلك.. شاءت الأم أن يكون عيدها مقرونا بالشعر، لكل الشعراء العاقين في العالم كل عام وأنتم أوسع من العالم، ولكل الأمهات المخذولات في نصائحهن الرحيمة، لا تخشين على سهم يمضي لهدفه، سيقول كلمته وينكسر. اليوم سأحتفل بالشعر، نعم سأحتفل رفقة شرطة أبوظبي بالضبط في قاعة الأدلة الجنائية، وأغص لأنني يوما لم أحتفل في الجزائر، هنا حتى الشرطة تحتفل باليوم العالمي للشعر يا خَلق الله..