بريطانيا تطلق قناة تلفزية بالعربية موجهة للعرب، وأمريكا تطلق أيضا قناة موجهة للعرب، وروسيا تطلق قناة أيضا، وتحذروا الصين حذو هؤلاء.. ثم يأتي الدور على تركيا بعد أن أطلقت فرنسا هي الأخرى نصف قناة موجهة للعرب! ترى لماذا هذا الاهتمام العالي بالمشاهد العربي؟! هل لأن العرب هم مصدر الإرهاب؟! ويجب تحديثهم بالإعلام العصري؟! أم أن العرب أمة لها المال والوقت لتشاهد هذه القنوات؟! الحاصل أن أغلب القنوات الأجنبية هذه تتجه إلى المشاهد العربي بالأخبار والحصص السياسية عالية المستوى! في حين تتحنط عشرات القنوات العربية الفضائية الصادرة عن الدول العربية في موضوعات "العهر الفضائي" مع شيء من البله السياسي الإعلامي المحنط في أخبار الحاكم وعشق المحكوم له ولأسرته! وباستثناء قطر التي أطلقت قناة الجزيرة في مجالات حيوية مثل الأخبار والرياضة فإن كل الفضائيات العربية عبارة عن قنوات تعشش فيها مظاهر الفساد الأخلاقي والسياسي لهذه الدولة أو تلك! ومصر مثلا تملك أكبر عدد من القنوات الفضائية.. لكنها في عمومها عبارة عن قنوات ذات موضوع واحد هو: مصر العظيمة ومصر القائدة ومصر المنتصرة ومصر الرائدة! وقد قال لي أحد الإعلاميين الفرنسيين الكبار ذات يوم في الدوحة إنه عند مشاهدته للفضائيات المصرية وما تبثه، يحس بأن هذه الفضائيات مسؤولة عن "حالة المرض" التي أصبح عليها الشعب المصري، حيث أن هذه القنوات زرعت فيه فكرة العظمة المصرية، وتحول الأمر إلى مرض أصاب الشعب المصري بداء العظمة.. فمصر هي أم الدنيا وهي أبوها! وهي بلد الفن والعلم والتاريخ، وبلد الحروب والانتصارات! وهي بلد القيادة وماعداها مقُود أو مقوّد! لايهم! حتى أن مصر والمصريين لم يستسيغوا نجاح دولة صغيرة مثل قطر في إطلاق قناة ناجحة مثل الجزيرة! والحال أن مصر الكبيرة انتصرت عليها إسرائيل الصغيرة في الحروب العسكرية.. فلماذا لاتنتصر قطر الصغيرة على مصر الكبيرة في الحروب الفضائية؟! المصريون حتى الآن لم يفهموا أن الحالة المرضية التي يعيشونها عبر إعلام العظمة الفضائية هو السبب في فشل مصر في توحيد العرب! لأن مصر لاتريد توحيد العرب بل تريد تحويلهم إلى تابعين لها، وهي الآن ماتزال بمركب العظمة المرضي تتحسس من أي شيء يأتي من خارج مصر!