تشهد معظم المدن الجزائرية احتفالات بفصل الربيع، الذي يعدّ أحد أهم الأعياد التقليدية الشعبية السنوية في بلادنا، إذ تعكف العائلات على تنظيم احتفالات واسعة لاستقبال موسم الزهور في أجواء من المرح والبهجة، إلى درجة أنه أضحى سنّة حميدة بين سكان غرداية والمنيعة وعين صالح. ينتظر محبو الطبيعة الساحرة والطقس الجميل وهواة التصوير بلهفة موسم الربيع، حيث يحرصون على القيام بنزهات في الحقول والمشاتل التي تزخر بها ولاية غرداية، للاستمتاع بموسم تفتّح الزهور والنسمات المنعشة التي تحمل الروائح العطرية للأزهار ذات الألوان المتباينة. أنشطة ثقافية واجتماعية احتفاء بقدم الربيع تعيش العديد من مناطق ربوع الوطن على إيقاع تظاهرات ثقافية وفنية وكذا أنشطة تجارية مختلفة تنشطها فرق فولكلورية على إيقاع القصبة والبندير وطلقات البارود المدوّية وسط حضور جماهيري كبير وأهازيج الخيول، كما يستغّل المزارعون هذه المناسبة ككل سنة، لعرض محاصيلهم الزراعية على اختلافها من حبوب وخضر وفواكه. من جهتهم، يستغل الحرفيون وأصحاب الصناعات التقليدية الفرصة لعرض ما جادت به أناملهم من أوان فخارية متنوعة ومنسوجات الزرابي وكذا القفف الصغيرة المصنوعة من البلاستيك أو الحلفاء المزينة برسومات وأشكال ذات ألوان ربيعية، كما تضفي النسوة جوا احتفائيا خاصا بارتدائهن الزي التقليدي الخاص بالمنطقة وأغلى ما يملكن من حلي. “الرّفيس” علامة مميزة بخصوص التحضيرات، تعمل معظم العوائل الجزائرية على اختلاف العادات والطقوس، احتفاء بقدوم فصل الخضرة، الخصوبة والمناخ المعتدل، على إعداد أحلى الأطباق التقليدية، حيث تحضر ربات البيوت بمعية الجدات، مأكولات الغرس والزبدة، إلى جانب تحضير أكلات أخرى تشتهر في عيد الربيع مثل الرفيس التونسي المتعدد الأشكال، والتي تقدم على مائدة مزينة بأشهى الفواكه الربيعية والشاي أو القهوة، وسط جلسة عائلية، يتم خلالها الاستماع إلى الأقوال المأثورة والأمثال الشعبية، منها ما يقال باللهجة العامية ومنها ما يردد بالعربية الفصحى. خرجات عائلية مميزة بحلول موسم الربيع، تستغل جل العائلات الجزائرية الريفية الجو الربيعي وسط المساحات الخضراء ذات النسيم الفواح بعطر الزهور، لتنظم خرجات أسرية، ونزهات ترفيهية في أمكنة تسمى “المروج” وهي عبارة عن مواقع مكسوة بالاخضرار ذات مناظر طبيعية خلابة، تبعث على الراحة والهدوء في النفس، حيث يلهو الأطفال ويلعبون وسط أجواء مشمسة وربيعية، تستمر حتى الغروب. موسم الربيع.. عامل سياحي يعتبر موسم الربيع من أروع الفصول السياحية، إذ لا يقل جمالا وروعة عن موسم الخريف، فعندما تنقشع سحب الضباب وتطل الشمس بأشعتها الزاهية، تتفتح الزهور والورود في السهول الخضراء وتتكشف روعة المروج الخضراء والجبال الشامخة اخضرارا التي تكون قبلة للمواطنين الباحثين عن الاستمتاع بالراحة والاستجمام وسط الاخضرار والنسيم العليل بشذى الزهور على مدى ثلاثة أشهر كاملة.