تميز منتوج الحمضيات بولاية البليدة هذا الموسم بجودة عالية، حسب المختصين، غير أنه عرف تراجعا محسوسا وصل إلى 70 قنطارا في الهكتار الواحد، في الوقت الذي تقدر فيه الطاقة الإنتاجية الحقيقة للهكتار الواحد ب 198 قنطارا. وترجع العديد من الإضطرابات إلى الظروف المناخية المتقلبة التي باتت تسود المنطقة، والتي أصبحت تختلف حتى في جهات إقليم الولاية. فالناحية الغربية، لاسيما البساتين المتواجدة على مستوى موزاية ووادي العلايڤ، شهدت خلال الموسم الفارط إزهارا غير طبيعي أثر على كمية المنتوج.. فبوادي العلايڤ لوحدها تراجع المنتوج إلى النصف مقارنة بمحصول السنة ما قبل الماضية، وهو الأمر الذي كان وراء التهاب أسعار هذه الفواكه خلال شتاء 2010، وهو الفصل الذي من المفترض أن يعرف قمة توفره، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 100 بالمائة، ف”التومسون”، على سبيل المثال، بلغت سقف 160 دج، في حين لم يكن سعرها يتجاوز 80 دج خلال السنوات القليلة الماضية. هذا الواقع أثار حفيظة المواطنين، الذين لم يعد بإمكانهم اقتناء هذه الفاكهة التي تعد أول محصول غذائي بولايتهم، حتى أن البعض منهم راح يؤكد أن غرف التبريد التي استعملت في تخزين البطاطا استعملت هذه السنة من أجل تخزين البرتقال للمضاربة بالأسعار. من جهتها، نفت مصالح المديرية الولائية للفلاحة بالبليدة، وعلى رأسها مدير القطاع، أن يكون التراجع في كمية المنتوج بسبب تقلص مساحات الحمضيات، حيث أكد قائلا إن بساتين البرتقال تحتل نسبة 69 بالمائة من مساحة الأشجار المثمرة على مستوى الولاية. كما أن زراعة الحمضيات ككل تحتل أكثر من نصف المساحات الزراعية بمساحة قدرت، حسب نفس المصدر، بما يقارب 17 ألف هكتار، 14 ألف هكتار منها منتجة. غير أن المثير للإنتباه هو عمر تلك البساتين التي فاق عمر نصفها الخمسين سنة، ما يعني أنها بدأت تدخل مرحلة الشيخوخة، وتتطلب تجديدا سريعا قصد الحفاظ، في السنوات القليلة المقبلة، على مستوى مقبول من الإنتاج. وإذا ما كان للعوامل المناخية المتقلبة التي شهدتها الولاية خلال شهري ماي وأفريل من السنة المنقضية، حسب مدير الفلاحة لولاية البليدة، دورا بالغا في تراجع المحصول هذه السنة، فإن عوامل أخرى جاءت لتزيد من حدة هذا المشكل، من بينها الوسطاء في بيع البرتقال، ما زاد من التهاب أسعارها، إلى جانب الإهمال الذي تعرضت له مختلف بساتين البليدة في العشرية السوداء، والذي مازال انعكاسه واضحا على المحاصيل اليوم. كما أن الفلاحين لم يدركوا بعد أهمية المتابعة التقنية لمستثمراتهم وبساتينهم. ذات المصدر أوضح، أن المشكل الذي طرح الموسم الماضي لن يتكرر السنة المقبلة، بالنظر إلى الظروف المناخية الحالية، والتي تبدو ملائمة لموسم فلاحي ناجح. ولتحقيق هذه الغاية، ينتظر أن تشرع مديرية المصالح الفلاحية في غرس مساحة تقدر ب 400 هكتار من الحمضيات، قصد تعويض تلك التي لم تعد قادرة على إعطاء كمية الإنتاج المطلوب، بالإضافة إلى الإستمرار في توفير الدعم المالي للفلاحين، وتوفير الأسمدة والشجيرات، وكذا تقنيات السقي الحديثة من أجل الإقتصاد في المياه الجوفية.. علما أن أشجار الحمضيات تتطلب كميات هامة من هذه المادة الحيوية.