وصف الدكتور أحمد عظيمي، الخبير في الشؤون الأمنية والعلاقات الدولية، وضع باريس تجاه الإجراءات الأمنية المتخذة استثنائيا في حق الجزائر ودول أخرى، بالصعب والمحرج جدا، خاصة بعد تراجع واشنطن، وبشكل ملتزم، عن إجراءاتها، من خلال رفع الطابع الاستثنائي بتعميم إجراء التفتيش واقتصاره على المشتبه فيهم فقط. وأوضح أحمد عظيمي، أمس، في تصريح لحصة “ضيف تحرير الأولى” بالقناة الإذاعية الأولى، أن مراجعة إدارة باراك أوباما لطبيعة إجراءات المراقبة الأمنية في المطارات وتطبيقها على دول معينة، بينها الجزائر، وضع باريس في موقف حرج جدا، ومن جميع النواحي الدبلوماسية والاقتصادية، وقال “إن فرنسا لا يمكنها الآن أن تحذو حذو واشنطن، وإذا حدث ذلك فإنها تؤكد مرة أخرى للرأي العام الداخلي والدولي تبعيتها المطلقة للإدارة الأمريكية”، في وقت تحاول باريس البروز كقوة عالمية وبشكل متميز. وتحدث الخبير عن سوء تقدير فرنسا لمثل تلك الإجراءات المتخذة، وخاصة بالنسبة للجزائر، وقيم الثورة الفرنسية التي تدعو الى احترام وتقديس الحريات والمساواة وحقوق الإنسان وغيرها من مبادئ الديمقراطية، وقال إنه خلافا لواشنطن، التي اعتمدت على استشارات واسعة شملت مختلف الأطراف المعنية، داخلية وخارجية، فإن باريس اتخذت قرارها بشكل منغلق وانفرادي ودون دراسة معمقة لأبعاد الإجراء، السياسية والاقتصادية وحتى الدبلوماسية، وهو ما سيؤدي دون شك، بالنسبة الى الجزائر على الأقل، إلى تعميق حالة الجمود والبرودة في العلاقات الثنائية، بكل ما ينجم عن الأمر من إسقاطات مباشرة. وأمام هذا الوضع، فإن عظيمي لم يستبعد أن تلجأ فرنسا، وفي أقرب وقت ممكن، إلى تخفيف إجراءات مراقبة المسافرين، والتي سبق وأن اتخذتها بشكل منفرد وتحمل نوعا من الوصاية والاستعلاء، حيث طالبت شركات الطيران بتقديم أدق المعلومات حول المسافرين، بالإضافة إلى شروعها في اعتماد أجهزة الكشف الضوئي، رغم تحفظ الحقوقيين والمفوضية الأوروبية، مشيرا إلى إمكانية لجوئها وبشكل تدريجي إلى المعاملة العادية في الواقع العملي دون الإعلان عنها رسميا تفاديا لشبهة تبعيتها للولايات المتحدةالأمريكية وغضب المسافرين، خاصة القادمين من العالم الإسلامي والعربي، بعد تخفيفها في المطارات الأمريكية.