هو منظر يوصف بالمزري، لعائلتين أقصيتا من أجندة المسؤولين المحليين، فكل أفرادهما مكفوفين يقبعون في بيت يعود إلى سنوات الستينيات، الذي هو عبارة عن مسكن مقسم إلى غرف تقشعر لها الأبدان.. فلا ماء ولا كهرباء ولا مؤشر يدل على العيش الكريم زارنا هؤلاء عندما كنا في مهمة عمل ببلدية بلعايبة 68 كلم شرق ولاية المسيلة، بعد أن أخبرنا مواطنون بوجود عائلتين محرومتين من أبسط المرافق الضرورية للحياة الكريمة.. توجهنا إلى قرية أولاد سالم الكائنة في الحدود مع ولاية سطيف، حيث رافقنا إلى هناك رئيس بلدية بلعايبة الذي أصيب بالدهشة والذهول كونه لا يعلم بتواجد تلك العائلة ولم ير أفرادها إطلاقا، ولم يكن على دراية بأنهم يعيشون في هذه الحالة الإجتماعية الصعبة. أول ما شاهدناه، هي الأم عائشة المكفوفة ترعى قطيعا من الأغنام رفقة ابنها كمال، ناديناهم لكن يعيرونا أي اهتمام، وإذا بشاب يأتي مسرعا، سلم علينا.. يدعى إبراهيم من مواليد سنة 83، ثم جاء بعده موسى من مواليد 79 الوحيد الذي يحمل نظارات على عينيه. سألناهم عن أحوالهم الاجتماعية وعن عدد أفراد الأسرة، ففضل موسى أن يأخذنا إلى داخل البيت الذي كان عبارة عن مسكن من الطين سقفه من القرميد يعود إلى سنوات الستينيات به عدد من الغرف التي تشبه الكهوف، حيث تنعدم أبسط شروط الحياة العصرية، خاصة من ناحية الأثاث المنزلي الذي يعود إلى سنوات خلت لا حمام ولا ماء ولا كهرباء. وإذا كانت مثل هذه المرافق غير موجودة، فطبعا لا ثلاجة ولا جهاز تلفزيون.. إنها عائلة طيب باي مسعود المتكونة من 9 أفراد.. الأم عائشة 50 سنة، مكفوفة، والأب مسعود 64 سنة لم نجده بالبيت، والأبناء: جميلة من مواليد 74، فريدة، نورالدين، موسى، رقية، إبراهيم، وأخيرا كمال، وكلهم مكفوفون لا يستطيعون الرؤية لمسافات بعيدة. حالتهم هذه جعلت رئيس البلدية يقترح ترحيلهم فورا إلى المدينة.. غير أن إجابة الأم كانت بالرفض قائلة له: “نحمد الله رانا بخير” ثم تتكلم جميلة إذا أردتم مساعدتنا أنجزوا لنا مسكنا هنا في أرض أجدادنا. وقد اكتشفنا سر رفضهم التنقل إلى مكان آخر، حيث أخبرنا موسى أن أفراد العائلة ستتوقف حياتهم بمجرد تركهم لقطيع ماشيتهم، خاصة العنزات، قائلا نحن في حاجة إلى مسكن عصري يأوينا ويقينا قسوة الطبيعة، إضافة إلى ربطه بالكهرباء حيث يزودهم مربي دجاج بسلك كهربائي أثناء تشغيل المولد الكهربائي ليلا. هذه العائلة تعيش بجوارها ابنة عمهم الكفيفة واليتيمة الأبوين، استقبلتنا بالأدعية رفقة عمتها فاطمة التي تقاسمها مرارة العيش، وتقول إنها تعودت على الصبر رغم أنها تعيش في بيت هو عبارة عن جحر بمجرد أن تلجه يقشعر بدنك. تركناهم ولسان حالهم يقول ارحمونا يرحمكم الله.. ارفعوا عنا هذه “الميزيرية “. أما رئيس بلدية بلعايبة فقد وعد بعقد اجتماع فوري لمجلسه للنظر في ظروف العائلتين..