في بداية الثمانينيات، قاد عبد الحميد براهيمي، الملقب ب "لاسيانس" حملة سياسية وطنية ودولية من أجل ربط سعر الغاز بسعر البترول. وأذكر أنني كتبت وقتها أنتقد ما يدعو إليه الوزير الأول آنذاك عبد الحميد براهيمي وقلت: هل الحكومة الجزائرية واعية كل الوعي بما تدعو إليه بخصوص ربط أسعار الغاز، الثروة النظيفة الصاعدة في السوق الدولية للطاقة والمرشحة لأن تكون البديل للبترول، تماما مثلما فعل البترول بالفحم الحجري قبل عقود من الزمن؟ وتساءلت وقتها: لماذا تربط الحكومة الجزائرية سعر ثروة تملكها وتملك منها احتياطيا كبيرا بسعر ثروة يملك غيرنا منها هذا الاحتياطي الكبير.. أليس رهنا لثروة البلاد في أيدي دولة مثل السعودية تقول صراحة: إنها تبيع بترولها بسعر منخفض لأن لها مسؤوليات على الاقتصاد العالمي لأن اللّه عز وجل وهبها هذه الثروة التي هي دم لشريان الاقتصاد العالمي! هذا المنطق كان سائدا في بداية الثمانينيات عندما كان سعر البترول في عز مستواه من حيث الارتفاع! وجاءت سنوات نهاية الثمانينيات وانهارت أسعار البترول وتبعها انهيار أسعار الغاز. وتكبدت الجزائر خسائر فادحة لأن السعودية التي تتحكم في أسعار البترول وصل بها الأمر إلى بيع البرميل بسعر 5 دولارات لدول شرق آسيا! وسعت الجزائر من جديد إلى فصل أسعار الغاز عن أسعار البترول ومعها الدول المنتجة لثروة الغاز مثل روسيا التي لا ترى ربط سعر الغاز بسعر البترول لأنها لا تثق في عرب الخليج الذين يسيطرون على تجارة البترول. ولا يتورعون عن بيع بترولهم بالسعر الذي يرضي من يحميهم عسكريا في الخليج! واليوم يعود الحديث من جديد حول مسألة ربط الغاز بالبترول من طرف بعض وزرائنا الميامين! ومن جديد أشتم رائحة ترتيب جديد من الدول صاحبة المصلحة في أخذ الغاز بسعر زهيد باعتبار أن أسعار البترول ستعرف انهيارا جديدا بسبب مشاكل البيئة وتطورات الطاقة البديلة! لماذا لا يعمل وزراؤنا على تثمين الغاز بمعزل عن البترول؟! والإجابة عن هذا السؤال تحدد جدية هؤلاء فيما يفعلون.