كيف أتعامل مع صديقة لي كنت مغشوشة أنها تحبني وتحب الخير لي، واكتشفت فجأة أنها تغار مني، وأنها حسودة، وخصوصاً عندما تسمع أنني خُطبت، ولا يكاد يتقدم أحد لخطبتي حتى تنفسخ الخطبة، والمشكلة أنها جارتنا، فهل أعاتبها أم أفوّض أمري إلى الله، وخصوصاً إذا كان الإنسان مظلوماً من الاتهامات الباطلة. وهي كانت سبباً في فسخ خطبتي هي وأهلها تأكدي أنك لن تنتفعي من خاطب يسمع لكل ناعق، واعلمي أن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، ولا داعي للحزن فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، والحسود لا يسود، ولا يستطيع أن يرد ما يقدره الله من فضله وجوده. والحاسدة مريضة تحتاج إلى الشفقة والرفقة، فاصبري عليها، وقابلي إساءتها بالإحسان، واعلمي أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وإذا حافظت على أدبك وأخلاقك فلن يضرك كيد الأشرار. ومع ذلك، فنحن ننصحك بالاجتهاد في الكتمان فكل صاحب نعمة ما يظن أنه يخفف من الشرور، وقد قال نبي الله يعقوب لأولاده (لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) ثم رسخ العقيدة في نفوسهم فقال: (وما أغني عنكم من الله من شيء. ...) ولا يخفى عليك أنه ليس من الحكمة إعلان الحرب والمواجهة واتهام الجيران بالحسد والشر، ولا بأس من التذكير بالله والاجتهاد في الإحسان إليهم؛ فإن ذلك مما يخفّف ما علق بالنفوس من الأحقاد. وعلى كل حال، فنحن ننصحكم بالتعامل مع هذا الأمر بمنتهى الحكمة، وإذا طرق الباب خاطب فاحرصوا على التعامل معه بمنتهى الوضوح، وبيّنوا له ما تجدون من معاناة وحسد؛ فإن العاقل لا يأخذ بكلام الأقران والحساد، ومن حقه أن يتثبت لأن الله سبحانه يقول : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”. وهذه وصيتي لكم بتقوى الله مع ضرورة أن لا تلوموا أحداً على ما لم يقدّره الله، وأكثروا من التوجيه إلى من يصرف السوء وأهله. وعليكم بالصبر، فإن العاقبة للصابرين وهو سبحانه يتولى الصالحين، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس وكفاه شر كل شر فإنه سبحانه يدافع عن الذين آمنوا.