يضطر المواطن البسيط إلى استخدام حافلات مهترئة أكل الدهر عليها وشرب، مستسلما للقانون الذي يفرضه السائق والقابض اللذان يفرضان وقت الإنطلاق وعدد الركاب حسب هواهما، مادامت الرقابة غافلة عن تجاوزاتهم. تسير حافلات نقل المسافرين التابعة للقطاع الخاص، وهي تفتقر لأدنى شروط الأمن، سواء من ناحية الصيانة، أو النظافة، أو حتى من نوعية معاملة المسافرين.. لكن لا مفر للمواطن البسيط من استعمالها للتنقل وقضاء مصالحه، وهو الأمر الذي يؤكد أن كثيرا من الخواص القائمين على قطاع النقل لا يهتمون بشيء سوى بجمع المال بطرق سهلة وسريعة، مكررين كلاما ألفته مسامع المسافرين ولم تعد تصدقه مثل “أفونسي راهي فارغة لداخل..”. وحاولت “الفجر” تحسس واقع النقل عبر هذه المركبات بالخوض معهم في خطوط مختلفة، منها حافلات النقل الخاصة، بكل من ساحة أول ماي وعين النعجة وباش جراح وساحة الشهداء، كلها تعمل في نفس الظروف المزرية، ولا تراعى فيها أدنى الشروط الحضارية النقل. تبدأ معاناة المواطن من طول الإنتظار في المحطة، والتي تمتد إلى نصف ساعة حتى يتجمع عدد هائل من المسافرين، ثم ترى هيكلا مهترئا يقترب فيتسابق المسافرون للظفر بمقعد يؤمن له عدم التدافع بين الركاب طيلة الرحلة، حيث يتعمد السائق ومساعده حشو المسافرين بطريقة لا يقبلها لا المنطق ولا المساحة الموجودة، ويلجأ للإنتظار بينما الحافلة مملوءة عن آخرها لمدة قد تتجاوز 45 دقيقة.. كل ذلك بسبب جشع وطمع القابض والسائق.. ولا يهمه حال المسافرين، ولا كبار السن ولا النساء الحوامل أوالأطفال الصغار ولا المريض ولا المتعب.. فالكل عنده سواء ماداموا يدفعون مبلغاماليا. كما يشتكي المسافرون من عدم توفر النظافة داخل الحافلات، سواء بالمقاعد أو الأرضية، بالإضافة إلى اهتراء الأبواب التي تشكل خطرا على المسافرين بإمكانية سقوطها في أي وقت، ناهيك عن زجاج النوافذ المكسور طيلة أيام السنة، ما يسمح بدخول مياه الأمطار والغبار. كما تفتقر هذه النوافذ إلى وجود ستائر تحجب أشعة الشمس الحارقة عن المسافرين. ولا تنتهي معاناة المسافر عند هذا الحد.. حدث في العديد من المرات أن تعطل المحرك في منتصف الطريق، واضطر الركاب إلى النزول وانتظار مرور حافلات أخرى تقلهم إلى وجهتهم، في حين فضل البعض إكمال الرحلة مشيا على الأقدام. وتبقى معاناة المسافرين متواصلة مادام مضطرا لا مخيرا في استعمال هذه الحافلات المتهرئة وتحمل ظروف النقل المزرية بشكل يومي، في ظل غياب الرقابة وسلطة القانون.. وعدم وجود رادع لتجاوزات هؤلاء الناقلين.. فإلى متى؟!