دعا خبراء ومهنيون إلى الإسراع في إعادة تنظيم المنظومة الإعلامية وتطهيرها من لوبيات المال، تماشيا مع التطورات الحاصلة على الصعيد الداخلي والخارجي، موازة مع إعلان كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال عن فتح 5 ورشات حساسة في قطاع الإعلام خلال ماي المقبل تعد بمثابة وقفة تقييميه لعمر التعددية الإعلامية بالبلاد، ومنطلق للتأسيس لاستراتيجية مستقبلية للقطاع. شرح أكاديميون وقانونيون إلى جانب مدراء النشر والصحفيين، واقع قطاع الإعلام بعد 20 سنة من انفتاح الممارسة الإعلامية، في ملتقى دراسي حول الصحافة الوطنية انتظم أول أمس الخميس تحت شعار “مهنية في العالم وفعالية في الاتصال”، بالمتحف الوطني للمجاهد، حيث أثاروا ملف إنشاء مجلس لأخلاقيات المهنة توكل له مهام مراقبة العمل الإعلامي في ظل الغموض الذي يسود الجيل الجديد من الصحفيين، إلى جانب غياب مجالس استشارية، ودعا مهنيي القطاع إلى محاربة التضليل الإعلامي. وحذر عدد من الصحفيين، منهم الكاتب الصحفي سعد بوعقبة، من جريدة “الفجر”، من ظاهرة زحف لوبيات المال والمصالح على مهنة الصحافة، واستغلالها في خدمة مصالحها الشخصية، وأصبحت الظاهرة تعرقل أداء خدمة إعلامية عمومية، وهي أهم الملفات التي يستوجب على الدولة إدراجها في مشروع قانون الإعلام الموجود قيد التحضير، فيما دعا مدير “ليبرتي” إلى ضرورة التزام السلطات العمومية بحماية الصحفي وتسهيل مهمة الوصول إلى مصادر المعلومة، معرجا على إشكالية تكوين الصحفي، لاسيما فيما يتعلق بمفاهيم أخلاقيات المهنة. وفي سياق آخر، أكد كاتب الدولة لدى الوزارة الأولى المكلف بالاتصال، أن مهمة تنظيم قطاع الصحافة تقع على عاتق المهنيين أولا، ولأهمية إشراكهم في تقييم التجربة الإعلامية بالجزائر منذ 1990، أفاد عز الدين ميهوبي بتنظيم 5 ورشات في الخامس من ماي المقبل تتعلق بمجالات سبر الآراء، الإشهار، الصحافة الإلكترونية والسمعي البصري، وهو فضاء مخصص لتقديم الاقتراحات التي تؤخذ بعين الاعتبار في إصدار قانون الإعلام الجديد، الذي تهدف من ورائه الحكومة إلى مواكبة التغيرات الحاصلة في مجال الإعلام على الصعيدين الوطني والدولي. وشدد ميهوبي على ضرورة تطوير المؤسسات الإعلامية الجزائرية والمنظومة القانونية الخاصة بالقطاع، مجددا دعوته إلى كل المهنيين بالوعي والمشاركة الإيجابية والجادة والمفيدة في ما يطرح من نقاش حول تطوير الإعلام في البلاد، داعيا الأسرة الإعلامية الجزائرية إلى أن تكون أكثر تنظيما. رشيد حمادو اعتبر أن الصحافة في الجزائر ضحية تغيير الوزراء، بوشوشة: ”تجريم الصحفي يفقده الحصانة ويقيّد حرية التعبير” أكد عبد الحميد بوشوشة، أستاذ جامعي بقسم الإعلام والاتصال بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة، أن عشرات العناوين الجديدة من الصحف لا تزال تنتظر التراخيص، كاشفا في سياق حديثه أن الإعلام المكتوب لا يزال يفرض نفسه في الساحة الإعلامية الوطنية على خلاف قطاع السمعي البصري، الذي لم يعرف انفراجا، وإن شهد مؤخرا بعض التطور الكمي ممثلا في القنوات والإذاعات المحلية. وأضاف المتحدث، خلال اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية ”ابتكار” العلمية الثقافية بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، أول أمس، حول دور الإعلام في صناعة الرأي العام بالمركز الثقافي ابن باديس بقسنطينة، أن الإعلام الجزائري يجب النظر إليه من الجانب الكمي والنوعي، حيث أن الجانب الأول عرف تطورا بعد صدور قانون الإعلام الذي أقرته التعددية الإعلامية بعد أن كان محصورا في الإيديولوجية الحزبية ويعد جزءا من العملية التنموية، مضيفا في نفس السياق أن الإعلام وقع تحت ضغوط معينة بعد 1997 بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية وظهور الإرهاب ما أدى إلى اختفاء الكثير من العناوين. وتأسف الأستاذ بوشوشة لغياب قوانين واضحة في الجانب التشريعي والإعلامي داخل قانون الإعلام الجزائري، موضحا أن مرجعيته الأساسية تعود إلى سنوات 90 وإن وجدت عدة مشاريع قوانين تذهب مع انتهاء العهدة الوزارية لكل واحد، حيث يبقى الإعلام الجزائري محكوما بهذا القانون ولم يشهد تغيرات تتلاءم مع التطور الواقع في مجال الصحافة المكتوبة على غرار الجرائد الإلكترونية، مشيرا إلى أن هذا القانون لا يعتد به أمام تجريم الصحافة في المحاكم، حيث أن الصحافي يعاقب وفقا لقانون الإجرام لا قانون الصحافة وهو ما اعتبره فقدانا للحصانة وحرية التعبير في الجزائر. وعن الجانب النوعي بالصحافة المكتوبة، أشار إلى أن الأمور ليست بالإيجابية على غرار الجانب الكمي، وبالمقابل فإن هذه الأخيرة لها تأثير تقوم بمجهودات، إلا أنها تبقى إخبارية ولا يمكنها الضغط على الحكومات والسياسات لتغيير الوضعية السائدة.