تشهد سواحل ولاية عنابة منذ بروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية، أو ما يسمى “الحرڤة”، تزايدا وتصاعدا كبيرين في عدد محاولات الهجرة غير الشرعية نحو الضفة الأخرى من المتوسط، وبالتحديد إلى الجزر الايطالية، وقد كلل عدد منها “بالنجاح”، فيما فشلت أخرى، وفي كلتا الحالتين تقع المآسي، التي تشهد كرونولوجيا الأحداث بشأنها، خلال الأربع سنوات الأخيرة، تسجيل حصيلة ثقيلة ومرعبة. ومن أجل معرفة سر إصرار الشباب الحراڤ على اختيار فترة الصيف، تقربت “الفجر” من عدد من شباب المنطقة، وكانت إجاباتهم تصب في أن تنظيم رحلة “حرڤة” يخضع لتوفر عدة عوامل وشروط وحتى مناسبات، كالمقابلات الكروية الدولية للفريق الوطني وتحسن الأحوال الجوية، بالإضافة إلى القرار الذي اتخذته حكومة برليسكوني، الرامي إلى تسوية ملفات الشباب الحراق المتواجد على التراب الايطالي، الأمر الذي فتح شهية المولعين بالحرڤة على تكرار المحاولات للوصول إلى السواحل الإيطالية. المناسبات وتحسن الأحوال الجوية وتدني الرقابة فترة مميزة للحرڤة قال الشاب “ع.م”، 27 سنة، ابن بلدية البوني بعنابة، تمكن من بلوغ الضفة الأخرى من المتوسط سنة 2007، وتمت إعادته إلى أرض الوطن، بعد حكم قضائي قضى بإعادته إلى بلده، بأنه نجح في الحرقة رفقة 17 شابا آخرين خلال اليوم الأول من عيد الفطر المبارك من السنة الفارطة، انطلاقا من شاطئ سيدي سالم الشهير، مغتنمين فرصة تراجع مستوى اليقظة والرقابة لحراس البحرية، مؤكدا نجاحه ورفاقه في محاولتهم التي دامت أكثر من 9 ساعات من الإبحار في عرض المتوسط. ..وللمقابلات الكروية الدولية نصيب كبير في الظاهرة كما أوضح الشاب “س.ك”، 23 سنة، ابن الحي الشعبي “لاسيتي اوزاس” بعنابة، تم توقيفه من طرف حراس السواحل في الأشهر القليلة الماضية، بأن المقابلات الكروية الرياضية الدولية للفريق الوطني أصبحت من الفترات الحاسمة بالنسبة للحراڤة لبرمجة رحلاتهم، على خلفية انشغال حراس السواحل والجهات الأمنية بمتابعة المباريات، ويجعل عدد الدوريات البحرية قليلا، وفرص الإفلات من المطاردة والتوقيف أكبر، مستدلا في ذلك بإبحار قاربين للحراقة، خلال لقاء الفريق الوطني الجزائري بنظيره المصري، أين تمكن القاربان من الإبحار في ظروف ملائمة والوصول إلى جزيرة سردينيا. ومن جهة أخرى، أكد الشاب “ع.ر”، البالغ من العمر 32 سنة، من سكان الحي الفقير “الصرول” ببلدية البوني، الذي أسعفه الحظ في رحلة غير شرعية نحو جزيرة سردينيا، بأن التحسن الملحوظ للأحوال الجوية يعد من أهم شروط إبحار قوارب الحراقة، بعد التأكد على لسان بعض البحارة المختصين والعارفين بخبايا البحر، وكذا التتبع الدائم لنشرات الأحوال الجوية. وأضاف أن موعد الإبحار يكون عادة ليلا، للهروب من رقابة عناصر حرس السواحل. قرار روما شجعني على الحرڤة صرح الشاب “ع. ع. ك”، البالغ من العمر 38 سنة، من سكان الحي الشعبي “جبانة ليهود” في عنابة، بأن السبب الرئيسي الذي شجعه على الهجرة غير الشرعية، في ذات الفترة بالتحديد، هو قرار الحكومة الإيطالية الأخير، الذي يسعى لتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، الذين تسللوا إلى التراب الايطالي عبر قوارب الموت ومنحهم بطاقات الإقامة وتمكينهم من فرص العمل، وقال “سبب أراه أكثر من محفز لتجريب حظي في الحرڤة، مهما كلفني الأمر، حتى أحقق أحلامي الكبيرة في إيطاليا”، مثلما حدث للعديد من الحراڤة غير الشرعيين، الذين تمت تسوية وضعيتهم في سنة 2003، حسب تصريحه. البحرية تشدد الرقابة خلال طوال أيام السنة وفي الجهة المقابلة، أكد مسؤولو المحطة البحرية على مستوى إقليم ولاية عنابة، أن مسألة إصرار “الحراقة” على محاولة الهجرة في هذه الأيام بالتحديد، راجع إلى تحسن الأحوال الجوية الملائمة للإبحار، موضحا في ذات السياق بأن مصالح حرس السواحل على مستوى المحطة البحرية لعنابة، كانت ولاتزال تشدد الرقابة وتحارب الظاهرة بكل ما أوتيت من قوة، وفقا لقوانين الجمهورية وطوال أيام السنة، من خلال تخصيص فرق للمطاردة والاعتراض والإنقاذ، مدعمة بأجهزة جد متطورة، من رادارات وقوارب نصف صلبة والعبارات التي تزودت بها عناصر البحرية، ناهيك عن عناصرها التي واكبت الظاهرة من خلال عمليات التكوين المستمر.