لم أتصور أنني سأكون من متابعي كرة القدم كوني لم أكن يوما من لاعبي كرة القدم، وفهمي ومعرفتي بأساسيات اللعبة وقواعدها وقوانينها لم يكن بالفهم الواسع والشامل، وهذا لا يعني إنني لا أتابع بعض المباريات وأشجع الفرق ضمن التوجه الجماهيري لكرة القدم وهذا السحر الذي تركته الكرة الدائرية في ملاعب التحدي. إنني أعترف أن عشقي للكرة الدائرية أصبح له شكله المتميز، وأنا أتابع وأشاهد محاربي الصحراء وهم يتحدون بإرادة فولاذية لا تقهر الفريق الإنجليزي الذي ترك لي انطباع عن مدي الهمجية التي يتمتع بها هؤلاء عبر تاريخهم وصفحتهم السوداء، والتي كتبها آرثر بلفور في الثاني من نوفمبر سنة 1917 لنعود بالذاكرة الي تاريخ لن ينساه شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية جيلا بعد جيل. وهنا نجد من الضروري والمهم أن نورد نص وعد بلفور، حيث جاء به بالنص: وزارة الخارجية عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى". وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الإتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح. المخلص آرثر بلفور إننا نقف أمام كرة دائرية لم تدخل حساباتها مطلقا بالسياسة، ولكن عنصر التحدي مهم في هذا الجانب.. حيث نقف أمام مشاعر جمعت العرب ووحدت كلمتهم إمام تشجيع فريق المنتخب الوطني الجزائري ممثل العرب الوحيد في المونديال، فهذه الحقيقة دفعتنا إلى سرد وقائع تاريخية وحدث لا يمكن تجاهله في ملعب كرة القدم ونحن نقف أمام فريق آرثر بلفور البريطاني.. وأمام تصريحات أعضاء المنتخب الإنجليزي التي أقل ما يمكن أن نصفها بأنها تصريحات غير لائقة، حيث كانوا دائما معتقدين أن العرب يجب أن يكونوا خارج إرادة التاريخ.. وإنهم لا يستحقون أن يكونوا علي مربع دائرة الفعل.. وما دفعني أن أكتب عن إرادة الجزائريين الرائعة هو إدراكي التام بأن المنتخب الجزائري ممثل العرب في المونديال وبتشكيلته المتميزة لقادر حقا علي تحديد مكانة مرموقة عالميا ورسم معالم الطريق نحو الإحتراف الدولي بأسلوب متميز، وأن هذا المجد سيكون مسألة وقت مع المنتخب الجزائري الذي توفر له الجزائر حكومة وشعبا كل الإمكانيات المالية والإدارية والفنية للمستقبل، وحتى يكون في المونديال القادم في مصاف المجموعات الأولي عالميا وينافس علي كأس العالم.. وهذا ما شعرت به وأنأ أتابع تألق المنتخب الوطني الجزائري، وهذا الشعور بالتأكيد لم يكن مجاملة بل واقعا كان يخطه رجال الصحراء بكل فخر وشرف وفداء ومهارة عالية يحق لنا أن نفتخر بها وأن نكون علي طريق التكامل والإبداع. فمن على هذا المنبر أتوجه بالتحية والتقدير إلى رجال الإرادة وأصحاب الشهامة والكرامة العربية علي ما بذلوه من عطاء يحق لنا نحن العرب والفلسطينيين أن نفخر به. فهذا المجد الذي يصنعه رجال الصحراء الأوفياء لفلسطين شعبا وقضية كان وسيظل بمثابة الحصن المنيع أمام كل المؤامرات التي تحاك ضد عروبتنا ومن أجل تصميم على أن نكون عرب بإضاءة جزائرية متميزة كتبها المناضل العربي الكبير الشهيد هواري بومدين بإرادته الصلبة وقوة إيمانه المطلق، لتكون الجزائر ثورة الشهداء والأحرار نبراسا للعرب وإرادة متجددة في كل المجالات.. معا وسويا نصنع مجدا ونكتب صفحات العطاء.. معا وسويا نمضي علي طريق كاس العالم عربيا في المونديال القادم.. بقلم: سري القدوة رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين