عقدت، نهاية الأسبوع، بالمركز الثقافي لولاية المدية، ندوة فكرية حول كتاب "صفحات من جهاد الجزائريين بفلسطين 1948" والذي يتطرّق فيه المؤلّف إلى علاقة الجزائريين والمغاربة عموما بفلسطين وتفاصيل مساهمتهم في الدفاع عنها ضد الغزو الصهيوني في العصر الحديث والتي ظل يكتنفها الكثير من التعتيم. ما يميّز كتاب "صفحات من جهاد الجزائريين بفلسطين 1948 1949 " الذي أصدرته دار الخلدونية بالقبة، شهر فيفري 2010، هو التوثيق الدقيق لسير المتطوعين للجهاد في فلسطين وما اكتنف طريقهم من مخاطر مطاردة القوات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية التي اعتقلت العشرات منهم بالأراضي التونسية والليبية، ومخاطر الجوع والتعب والضياع أثناء الطريق والتعرض لضربات الشمس الشديدة في الصحراء الليبية الشاسعة، كما جاء الكتاب بمعلومات هامة عن فترة التدريب في معسكرات "قطنة" السورية و"مرسى مطروح" المصرية، وكذا عن تفاصيل بعض معاركهم مثل معركة قرية "هوشة" بشفا عمرو ومعركة "الجش" و"الشجرة" بالجليل التي خاضوها في صفوف الفوج التاسع المكّون من متطوعي المغرب العربي، رفقة الجيش العربي السوري وبعض وحدات الجيش اللبناني، أو معارك الجنوب الفلسطيني في شمال غزة والنقب والتخوم الجنوبية والغربية للقدس رفقة المتطوعين العرب والمسلمين من ليبيا والسودان ومصر يوغسلافيا وغيرهم. كما خصص الكاتب فصلا خاصا للمجاهدين الجزائريين من المهاجرين المقيمين في قرى المغاربة بالشمال الفلسطيني وعلى رأسهم الشهيد القائد محمود سليم الصالح أبو عاطف الذي كان قائدا لأحد الفصائل المقاتلة المعروفة التابعة لجيش الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني بمنطقة صفد وطبرية قبل أن يستشهد في معركة الشجرة في 1948 وقد خلدته قصائد الشعراء وقصص رواة سير الجهاد والمجاهدين. وتضمن الكتاب أيضا العديد من الصور والوثائق التي لم يسبق نشرها، من منها صورة للشهيد علي بن قربان أحد مفجري ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 بالبليدة بلباس جيش الإنقاذ العربي بفلسطين، وصورة الشهيد محمد إبراهيم القاضي من باتنة في معسكر التدريب وغيرها من الصور، كما حفل الكتاب بعض الوثائق مثل شهادات التكريم الصادرة عن الجامعة العربية، وبتوقيع أمينها العام الأول عبد الرحمن عزام، وأخرى عن الجيش العربي السوري، والتي تدل على أن الجزائريين لم يتخلوا عن بلاد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حتى وهم تحت وطأ الاحتلال.