أخيرا تحرك بعض النواب في البرلمان الجزائري وقرروا تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في ظاهرة الفساد! التحرك وحده يعتبر حدثا سياسيا مهمّا يدل على أن البرلمان ما تزال فيه بقايا حياة! نحن لا نطمع في أن تصل لجنة التحقيق البرلماني في الفساد إلى شيء أبدا.. لأن النواب لا يمكنهم الوصول إلى أي شيء من المعلومات المتعلقة بالفساد.. لأن الفساد في الجزائر سري جدا.. ويعد من بين أسرار الدولة العليا التي لا ينبغي الوصول إليها! بل لعله السر الذي ينبغي صونه أكثر من بقية الأسرار الأخرى.. صونا لسمعة الدولة! وحتى الآن الملفات الساخنة في الفساد التي تسربت للصحافة والعدالة تخص وزراء ووزارات بعينها! والقانون وعلى رأسه الدستور لا يسمح للبرلمان أن يسائل الحكومة تحت أي ظرف من الظروف!؟ وللنواب فقط الحق في توجيه أسئلة إلى الوزراء ذات طابع صحفي وليس برلماني.. وهو ما يحصل الآن مع حكاية الأسئلة الشفوية أو المكتوبة الموجهة للوزراء! لعل النواب الذين بادروا بهذه اللجنة البرلمانية للتحقيق في الفساد لا يعرفون أن التعديل الدستوري الذي صادقوا عليه قبل عامين يمنعهم من ممارسة هذا الحق.. لأن رئيس الحكومة لم يعد مسؤولا عن أدائها والذي تحول بفعل التعديل إلى وزير مثل الوزراء غير مسؤول عما تفعله الحكومة حتى ولو كانت له صفة الوزير الأول! لكن يمكن للنواب الذين قدموا هذه المبادرة أن يبدأوا بأنفسهم ويدرسوا ملف الزيادات التي تمت في أجور النواب! ويدرسوا الطريقة التي تحققت بها هذه الزيادة.. والظروف التي أحاطت بالعملية! هل ستكون للنواب هؤلاء الشجاعة للحديث عن هذا الملف؟! أم أن هؤلاء سينظرون في حدبة غيرهم الارتشائية ولا يرون حدبتهم؟! إذن من يحقق مع من؟!