هنيئا لبن بوزيد على “النجاح” الباهر الذي حققه خلال سنة دراسية من أسوأ ما عرفت المدرسة الجزائرية، فنسبة النجاح هذه غير مسبوقة؟! لكن هل هي نسبة حقيقية، أم فقط نسبة سياسية نكاية في المضربين الذين وعدوا بسنة بيضاء، وبتوجيه ضربة قوية لمدرسة بن بوزيد، فجاءت النتائج عكس ما تمناه نقابيو المدرسة، نسبة النجاح %61!! لكن إلى أي جامعة سيتوجه هؤلاء الطلبة الجدد؟! فنسبة النجاح العالية هذه ستزيد من تعقيد مشاكل حراوبية، وتزيد من أزمة الجامعة التي ترزح تحت أزمات طائلة، أزمات ازدادت تعقيدا في السنوات الأخيرة، وتاه الطلبة بين أروقة جامعات متخلفة تفتقر لأدنى الوسائل العلمية والبيداغوجية، وبين أساتذة غير مؤهلين للتأطير بعد أن هجّر الإرهاب والأزمة الكفاءات، ولم يبق في البلاد غير أولئك الذين لا يصلحون لأي شيء، وإلا بماذا نفسر ما تناولته الصحافة، مؤخرا، حول عثور طلبة معهد علوم الإعلام والإتصال على أوراق امتحاناتهم مرمية في المراحيض؟! الجامعة الجزائرية تعاني، يا معالي الوزير.. لنأخذ مثالا على ما أقول بجامعة بوزريعة، ومعهد الإعلام والاتصال ببن عكنون، هذه التي زرتها من أيام.. إنها عبارة عن مفرغة للأوساخ والفضلات، وأساتذة يفتقرون للكفاءة العلمية وللروح الوطنية أيضا. فمنذ أيام حضرت مناقشة رسالة تخرج، اضطر خلالها الأستاذ المناقش إلى الخروج قبل أن يعاين عمل الطلبة لأن أقارب طالبة ستناقش رسالة ماجستير جاؤوا يطلبون منه أن يحضر حالا لمناقشة رسالة تخرج قربيتهم. ولا أدري إن كان من حق أقارب الطلبة أن يفعلوا ذلك أوأن يقتربوا أصلا من الأستاذ المناقش حتى ولو كان صديقا له، من باب الأمانة العلمية؟! الجامعة هي المقياس الذي نحتكم إليه لمعرفة الوجهة التي يسكلها أي مجتمع، والمعيار لمعرفة درجة تقدم بلد ما. والجامعة الجزائرية تائهة بين العدد الهائل للطلبة وبين قلة الإمكانيات وانعدام الكفاءات، وأصبح الفوز في شهادة البكالوريا، يعني بداية مشوار الضياع للطلبة، نجباء كانوا أم غير نجباء، فالجامعة الجزائرية تأتي على كل أمل في بناء مستقبل سوي للإنسان الجزائري. من حقنا، بل من واجبنا كمواطنين وكمجتمع، أن نبصق مرارتنا في وجه القائمين على الجامعة، وأن نصرخ عاليا في وجه المسؤولين، وأن نوجه نداء عاجلا إلى رئيس الجمهورية نناشده أن يلتفت للجامعة، أن يقوم بزيارات فجائية لها، ليرى أي هوان تعيشه جامعاتنا، وأي إسطبل هذا الذي نرسل له فلذات أكبادنا بعد أن نكون قد استثمرنا فيهم مالنا ووجداننا وأملنا، لنراه يضيع بين الركام؟! لماذا لا ننظم جلسات عاجلة للنظر في حال الجامعة، وأن يجتمع الخبراء وأهل العلم لإصلاح حالها، إننا بحاجة إلى ذلك.. الجامعة بحاجة إلى إصلاح عميق وشامل، سيادة الرئيس، وإلا فإن جهود الإستثمار التي تقوم بها ستذهب هباء منثورا!؟