وأنت مار على طول ساحل تيبازة تلمح، من بعيد، مجموعة من الرجال على اختلاف أعمارهم اختاروا ضفاف البحر وكاسرات الأمواج لممارسة هواية الصيد بالصنارة التي تعتبر من بين الهوايات الأكثر شعبية. فمع اعتبارها متعة للبعض ممن يهوون الإختلاء بالنفس بعيدا عن ضوضاء المدينة وضغوطاتها، وفرصة للخروج من روتين الحياة اليومي لما يمنحه البحر من سكينة، فهي بحق مدرسة للصبر. يقول عمي محمد إنه يعشق البحر، إذ يمارس هذه الهواية منذ شبابه، والآن يقصد البحر على طول فصول السنة بعد أن أحيل على التقاعد، مضيفا:”أغتنم فرصة فراغي لأختلي بالبحر وأمارس هوايتي المفضلة”. وغير بعيد عنه تحدثنا مع شاب آخر فقال:” صيد السمك بالصنارة لا تحتاج إلى تكاليف مالية باهظة باعتبارها هواية بسيطة لا تستدعي سوى صنارة، خيوط النايلون، الأطعمة واللاقط، محلية كانت أم مستوردة. وبعد الإنتهاء من عملية الصيد نضع صيدنا في سلة لنقوم بطهيها فوق الجمر أنا ورفاقي”. يعتبر الطُعم من بين أهم الخطوات الأولى في عملية الصيد، ويختلف باختلاف نوع السمك المراد صيده.. فمنهم من يستخدم العجين، والبعض الآخر يفضل الجمبري أوالأسماك الصغيرة.. رضا يقول إنه يفضل الصيد بالجمبري لأنه يبعث رائحة تجذب السمك إليه مما يسهل عملية الصيد. الجلوس أمام البحر لساعات طويلة قد تصل إلى خمس ساعات أو أكثر للظفر بسمكة صغيرة يتطلب صبرا كبيرا.. لكن قد يكون سببا في سعادة أكبر، وهو حال نسيم الذي يقضي عطلة نهاية الأسبوع أمام البحر للتفكير في هموم الحياة والذهاب بعيدا مع الذكريات. من جهتها، كشفت الأخصائية النفسية، جليلة زهيد، أن مهنة الصيد من المهن القديمة التي مارسها الإنسان على مر العصور والأزمان لتوفير الغذاء اليومي، كما أنها تعلم الإنسان عملية التركيز في حياته العملية، وكذا الطموح إلى نيل مبتغاه الذي يسعى إليه، بالإضافة إلى كونها رياضة وسلوكا يهدئ النفس ويبعد عن هموم الدنيا ومشاغلها، وفرصة لاتخاذ القرارات وحل بعض المشاكل الشائكة. وأضافت ذات المتحدثة أن عملية الصيد تعتبر نوعا من التغيير والتخفيف على الذات والقدرة على تحمل المخاطر في البر والبحر، فهي فن رياضي وترويحي يتطلب قوة اليدين والقدرة على التوازن والمهارة والصبر، تحتاج من الصياد للسيطرة على حركاته والصبر الشديد واختيار الأوقات المناسبة للصيد، وتشعر الإنسان باللذة بعد صيد السمك وتناوله.