فرنسا تستغل انضمام دول عربية إلى تكتلها لحشر أنفها في كل القضايا العربية كشفت فرنسا عن نواياها الاقتصادية، وأوضحت أهدافها التجارية ضمن مخططها الاقتصادي الجهوي، ضمن منظمة “الفرانكفونة الحية”، البديل الجديد لمنظمة الفرانكفونية السابقة، وأضافت تسمية “الحية” لإعطاء نفس جديد للغة الفرنسية التي تعاني أمام اللغتين الإنجليزية والإسبانية مؤخرا. وتسعى هذه المنظمة بكل الوسائل والإغراءات إلى ضم الجزائر وبأي ثمن، باعتبارها شريكا تاريخيا ومستعمرة قديمة لها، بالإضافة إلى أنها نزيهة وذات ثقة في تعاملاتها الدولية، بدليل التزامها بكل الاتفاقيات والعقود التي أبرمتها لحد الآن، وذلك ما لم تجده فرنسا مع شركائها الآخرين، حسبما أكدته الدراسات الفرانكفونية حول التكتلات الاقتصادية التي تعكف على إعدادها لجان مختصة في ذلك بإيعاز من فرنسا، وتقوم بها كل الفروع التابعة للمنظمة منها المتواجدة ببعض الدول العربية على غرار مصر والمغرب، إلى جانب بعض المتطوعين من “الفرانكفونية الجزائرية” رغم عدم إعلان الدولة عن انضمامها الرسمي إلى هذه المنظمة. “الفرانكفونية” ترغب في الإطاحة ب “الإنجلوساكسونية” وتطمح منظمة “الفرانكفونية الحية” إلى مواجهة منظمة “الإنجلوساكسونية” للدول الناطقة بالإنجليزية التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتعرف انتشارا واسعا دوليا، وذلك بعد أن فشلت منظمة “الفرانكفونية” السابقة في تحقيق مكاسب ورهانات الدولة الفرنسية على جميع الأصعدة. وترى فرنسا في منظمتها الجديدة، التي تضم عددا من دول القارة الإفريقية وأوروبا وبعض الجزر ودول من آسيا ومقاطعات تابعة للاستعمار الفرنسي سابقا، وهي تنظيم اقتصادي “لا متجانس” يقول الخبراء، لانعدام القواسم المشتركة بين دول المنظمة، على غرار رومانيا، ألبانيا، مصر والمغرب، على عكس “التجانس” المسجل لدى دول منظمة “الإنجلوساكسونية” التي رفعت شعار النظام الاقتصادي الذي أتى به الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في بداية التسعينيات “اقتصاد السوق”، بمعنى آخر، تجمعها الأطماع والمصالح المشتركة لا غير، شأنها في ذلك شأن الولاياتالمتحدةالأمريكية الخمسين، التي اجتمعت تحت لواء دولة واحدة رغم اختلاف الإيديولوجيات والذهنيات بين ولاية وأخرى. السياستان الفرنسية والأمريكية مختلفتان اقتصاديا في حين تسعى فرنسا إلى تجميع ما قسمته أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتستخدم في ذلك سياسة إعانة المستضعفين اقتصاديا ومشاركتهم في التنمية المحلية، إلا أن ذلك لم يتجسد في الجزائر لحد الآن، نظرا لغياب المصانع الفرنسية عن التصنيع في الجزائر، رغم العلاقات التاريخية الواضحة بين البلدين واستناد الجزائر في كل قراراتها ومعظم بنود موادها القانونية إلى القانون المدني الفرنسي، لكنها أبقت على نمطها التجاري الساري المفعول دون تكليف شركاتها بإقامة استثمارات منتجة في السوق الوطنية، لذلك أبت الجزائر أن تنضم إلى هذه المنظمة ورفضت كل الإغراءات. وفي المقابل، تحسرت فرنسا من انضمام الجزائر إلى منطقة التبادل الحر العربية، خوفا على مستقبل اللغة الفرنسية في تعاملات الدولة مستقبلا واستبدالها باللغة العربية، التي أقرّها قانون التعريب الصادر سنة 1971، والقاضي بتعريب كل القطاعات، لذلك تحاول فرنسا ضم عدة دول عربية لحشر أنفها ضمن هذه المنطقة، والمضي جنبا إلى جنب ضمن كل التحركات وخطوات الجزائر الاقتصادية.