تعرف ولاية الوادي خلال هذا الصيف ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة على غرار باقي ولايات الجنوب، تتجلى بشكل بارز في أوقات القيلولة، التي تنعدم أثناءها الحياة تماما في الشوارع وبداخل الإدارات، بحيث يركن الجميع للراحة داخل بيوتهم خوفا من ضربات الشمس الحارقة، إذ تصل وقتها درجات الحرارة إلى نحو 55 درجة خارج الظل ما ميز هذا الصيف الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي وهو ما عكّر على السكان متعة الراحة وقت القيلولة، وبات من المستحيل الخلود للراحة بداخل الغرف المكيّفة والنوم أضحى شبه مستحيل، وهو ما دفع بالسكان للبحث عن ملجأ يلجأون إليه عسى النّعاس يجد طريقا إليهم خاصة لفئة الشباب الذين يشتغلون في هذه الحرارة الملتهبة في بعض الأعمال الشاقة وكذلك كبار السن الذين تؤثر عليهم درجات الحرارة الملتهبة. ولعلّ الغريب في الأمر هو الحر الشديد ليلا في بعض الليالي وهو ما لم يتحمّله بعض سكان المنطقة، لا سيما سكان العمارات، الأمر الذي دفع بعشرات العائلات إلى الهروب نحو الكثبان الرملية ليلا للظفر بنسمات الهواء البارد في قلب الصحراء المفتوحة هنالك. وبمجرد القيام بجولة صغيرة على أطراف المدينة تجد السيارات بمختلف أنواعها على جنبات الكثبان الرملية متوقفة وبالقرب منها عشرات العائلات أجسادهم ممدودة على الرمل التي تحس وأنت مستلق فوقها بأنها تجذبك إلى الداخل. الكثبان الرملية تلبس بُردها بعد الغروب في أحياء وسط المدينة التي يوجد بها نحو 1000 عائلة تقطن العمارات فرّت نحو أعالي الكثبان الرملية بعدما تحوّلت بيوتهم إلى ما يشبه الأفران الساخنة. وجل هذه العائلات التي تقصد الرمال ليلا تقضي سهراتها مستمتعة بمتعة البرودة المفقودة داخل تجمعاتهم السكانية وكذا متعة الاستلقاء فوق الرمل الذهبي البارد. اقتربنا من إحدى العائلات التي وجدناها في الطريق الغربي خارج المدينة وسهرنا معها ليلة كاملة، نهاية الأسبوع، وقد قال لنا رب هذه الأسرة وهو طبيب ”إن استرخاء عظام الجسم خاصة العمود الفقري والظهر ككل بعد الاستلقاء على الرمال الباردة ليلا والتي تكتسب برودتها بمجرد غروب الشمس، مميزات لا توجد في جميع المستحضرات الطبية” حسبه. أما زوجته فقالت إنّ هذه هي عادة أغلبية السكان بالمنطقة، فبعد صلاة العشاء تجد معظم العائلات تحمل بعض الأغطية الخفيفة وأحيانا وسائد لإمضاء سهراتهم هنالك والأولاد تجدهم يلعبون بالرمال الباردة ويقفزون هنا وهنالك. سهرات رجال المال لكسب الملايير المكان ربما مفضل للكثير من رجال المال بالمنطقة لعقد صفقات مالية مربحة على ضوء القمر وكسب الملايير. فبعد يوم شاق من العمل، تجد رجال الأعمال يفضلون إبرام صفقاتهم المهمة في ذلكم الجو الهادئ. وقد ذكر لنا بعض هؤلاء أن هذه المنطقة، مشيرا بإصبعه إلى الكثبان الرملية، تعدّ القبلة المفضلة لرجال المال والأعمال حيث يتم ربط علاقات وإبرام صفقات بالملايير، مضيفا أن السهر رفقة الأصدقاء لا يكون إلاّ فوق الكثبان الرملية التي عادة ما تكون تربتها باردة نوعا ما ليلا. أما فكرة البقاء بالمنزل ليلا فتعد مجازفة غير محمودة العواقب، ذلك أن النوم لا يعرف لعيون الكثيرين منهم طريقا إليها في ظل الحر الشديد للجوّ وهو ما يحول دون استيقاظهم باكرا للعمل. التعرق بداخل الرمال الساخنة يقضي على الروماتيزم وبالمقابل، تجد سكان آخرين، لا سيما من المرضى يستغلون فرصة الصيف والتهاب درجات الحرارة للغوص بداخل الرمال الساخنة في وقت القيلولة، إذ لا تستطيع المشي حافيا فوق هذه الرمال لكونها ملتهبة جدا، وهي المكان المفضل لمرضى الروماتيزم، حيث ينصح الأطباء بأن يتعرق المريض بداخل الرمل وقت القيلولة، والردم حسبهم يقضي على العديد من أمراض المفاصل والعظام وتكون عن طريق الردم في الرمل كليا ولا يبقى إلا الرأس. وتستمر العملية لساعة أو ساعتين. وقد أتت هذه العملية بنتائج جيّدة للمرضى خاصة للمغتربين الذين سكن البرد بداخل عظامهم. هكذا إذن يقضي سكان ولاية الوادي وعائلاتهم هذه الأيام الساخنة وسط انعدام شبه كلي لمرافق الترفيه والراحة والتي من شأنها أن تستوعب جيوش الفارين من جحيم التجمعات السكانية الساخنة في هذا الصيف الحار فسعيد الحظ من وفّر قسطا من المال للتمتع بزرقة البحر ونسيان هذا اللهيب والتعيس من اجتمعت عليه الظروف وبقي مرابطا في هذه الصحراء الملتهبة. س