المسلمون يدٌ واحدةٌ، وقلبٌ واحدٌ، وكيانٌ واحدٌ، المسلمون كما وصفهم عليه الصلاة والسلام كالجسد الواحد، ولم يجمع شتاتَهم إلا الإسلامُ، ولن يؤاخي بينهم إلا الإسلام. “وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (الأنفال: من الآية 63) ليس عند المسلمين وحدةُ لغةٍ أو دمٍ أو لونٍ أو جنسٍ أو وطنٍ، عند المسلمين وحدةُ دين، تجمعهم مظلّة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم. المسلمون يتمايزون بالتقوى، ويتفاضلون بالعلم “إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (الحجرات: من الآية 13). لما دعا محمد عليه الصلاة والسلام إلى الإسلام جاء المؤذّن من الحبشة يقول: لبّيك اللّهم لبّيك، وجاء سلمان من بلاد فارس ليُقال فيه: “سلمان منّا آلَ البيت”. وهبّ صهيبٌ الروميّ ينادي: الله أكبر، الله أكبر، وتخلّف أهل التمييز العنصري: الوليد بن المغيرة وأبو جهل وأبو لهب. صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “يا بني هاشم! ليأتينّ الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني بأنسابكم”. وفي الصحيح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: “ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه”. وفي رمضان تظهر هذه الوحدة العظيمة؛ فشهرٌ واحدٌ، وصيامٌ واحدٌ، وقبلةٌ واحدةٌ، ومنهجٌ واحدٌ. نصلّي جميعاً وراء إمامٍ واحدٍ، والله يقول لنا: “وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ” (البقرة: من الآية 43)، وقال سبحانه: “وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” (البقرة: من الآية238). خاطبَنا الله بالصيام جميعاً، فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:183).