كل الكلام الجميل الذي نقوله دائما في عالمنا الإسلامي عن الشهر المعظم وأيامه المباركة يتبخر قبل حلول هلال شوال؛ لأننا نحن من نصنع الأحداث المؤلمة والمؤسفة والمخجلة في هذا الشهر، ونحن من نؤكد بأننا أمة تقول ما لا تفعل. * وإذا كان تورط الغرب واللوبيهات المعادية للمسلمين حقيقة لا ينكرها أحد في تأجيج لهيب الأزمات وتشويه الصورة أكثر، فإن المسؤول الأول عن هذا الوضع هم المسلمون الذين انسحبوا من سباقات الخير التي يدعو إليها الشهر الكريم، وتميزوا عن بقية الأمم بصورة الحديد والنار المتأججة من باكستان إلى اليمن إلى موريتانيا، حيث لا حديث إلا عن الموت، والمتهم مسلم والضحية مسلم، حتى وإن كان بينهما خيط مخابراتي أجنبي. المفارقة أن العالم احتفل نهار أمس باليوم العالمي للسلام، حيث منع قائد قوات الناتو العمليات العسكرية في أفغانستان، وتظاهر الألمان والفرنسيس ضد تواجد أبنائهم في أفغانستان، كما تظاهر الإنجليز ضد تنامي الجريمة التي صنع أخطرها وأكثرها مأساوية في لندن في عز رمضان شاب مسلم يدعى محملي علي ذبح شابتين جزائريتين مسلمتين، هما نسرين وصبرينة.. * وفي المقابل، يحتفل المسلمون في الشهر الحقيقي للحب والخير والسلام بجثث منكّل بها في موريتانيا، وبمئات القتلى والجرحى في انفجار إسلام أباد، وبأرقام مرعبة عن الفقر القاتل في الصومال والسودان في شهر العطاء والزكاة. * وإذا سلمنا بأن اليهود والصليبيين وغيرهما هم الذين هندسوا هاته المآسي التي لا تقع إلا في بلاد الإسلام؛ فمن الذي هندس الفتنة الكفرية التي هي أشد من القتل مابين علماء الشيعة وعلماء السنة، حيث تحول الاجتهاد إلى اتهامات ودفاع عن الذات مابين الطرفين، شارك فيها أفاضل العلماء من أمثال الشيخ القرضاوي والسيد فضل الله، فهل كان هنا أيضا للوبيهات الشر دورهم؟! * في شهر رمضان احتفلنا بذكرى غزوة بدر التي قال فيها تعالى في سورة الأنفال (وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم)، وفي شهر رمضان احتفلنا بذكرى فتح مكة التي قال فيها تعالى في سورة الفتح (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين)، وفي شهر رمضان سنحتفل بذكرى نزول القرآن التي قال فيها تعالى في سورة القدر (ليلة القدر خير من ألف شهر).. فأين هي الألفة في باكستان، وأين هي السكينة في اليمن، وأين هو الخير في موريتانيا؟ * ومابين الجثث الباكستانية نستذكر كتابا ألّفه العالم الباكستاني أبو الأعلى المودودي منذ نصف قرن بعنوان: "هل نحن مسلمون؟"، ونعود الآن لنسأل: "هل نحن مسلمون؟".