إحداهما: من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى يرجو عوض ذلك عنده في الجنة، فهذا قد تاجر مع الله وعامله، والله تعالى: “لا يضيع أجر من أحسن عملاً” ولا يخيب معه من عامله، بل يربح عليه أعظم الربح، وقال رسول الله “صلى الله عليه وسلم” لرجل: “إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا آتاك الله خيراً منه”. فالصائم يُعطى في الجنة ما شاء من طعام وشراب ونساء، قال تعالى: “كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية” قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين.. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن في الجنة باباً يقال له الريّان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم” وفي رواية فإذا دخلوا أُغلق.. - وفي رواية من دخل منه شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً. وورد في حديث النبي في منامه الطويل: ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع منه فجاءه صيام رمضان فسقاه وأرواه”.. الثانية: من يصوم في الدنيا عمّا سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا، فهذا عيده يوم لقاء ربه وفرجه برؤيته فمن صام عن شهواته في الدنيا أدركها غداً في الجنة”. ومن صام عمّا سوى الله فعيده يوم لقائه “من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت”. قيل لبعض الصالحين: أين نطلبك في الآخرة؟ قال: في زمرة الناظرين إلى الله، قيل له: كيف علمت ذلك؟ قال: بغض طرفي له عن كل محرم، وباجتنابي فيه كل منكر ومأثم، وقد سألته أن يجعل جنتي النظر إليه.