والحديث عن رمضان في تلك البلاد يبدأ من التماس هلال رمضان، والخبر يقول: إن القليل من الناس يخرج طلبًا لالتماس الهلال، بل يكتفي أغلب الناس هناك بخبر وسائل الإعلام، والبعض قد يتبع في ذلك ما تثبته المملكة العربية السعودية، فيصوم مع صيامها ويفطر مع فطرها. ونظرًا لسعة تلك البلاد وتعدد جزرها وانتشار رقعتها، فقد تختلف رؤية الهلال من مكان لآخر. وعلى العموم، فعندما تثبت رؤية هلال شهر رمضان يُعلن عن ذلك رسميًا بواسطة وزارة الشؤون الدينية، ويقوم الأفراد بقرع الطبول داخل المساجد حتى السحور، احتفالاً بقدوم الشهر المبارك. وتبدأ التهاني والمباركات وتعم الفرحة والبهجة الجميع، ويجسد تلك المظاهر عبارات تتداولها الألسنة مثل: (أهلاً يا رمضان) و(مرحبًا يا رمضان). وعادات المسلمين في الإفطار في رمضان أن تجتمع جموعهم في المساجد قبل آذان المغرب لتناول طعام الإفطار، وتوضع الأطعمة على الأرض، بعد أن يتم نقلها من المنازل، ويجلس الجميع قبل الآذان للإفطار جنبًا إلى جنب، الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار، وبعد الإفطار يؤدي الجميع صلاة المغرب جماعة. ومن أشهر الأطعمة الرمضانية التي يفطر عليها مسلمو أندونسيا طعام يسمى (أبهم) وهو عبارة عن نوع من الحلوى أشبه ما يكون ب (الكعك) ويقدم التمر إلى جانبه. ومن المأكولات الرمضانية أيضًا (الأرز) مع الخضروات والدجاج واللحوم. ومن أشهر أنواع الحلوى التي تقدم في هذا الشهر حلوى تسمى (كولاك) تقدم مع التمر. وتنشّط دروس العلم الشرعي، وحلقات تلاوة القرآن من أول رمضان إلى آخره؛ فترى المساجد تزدحم بالمصلين وطلبة العلم الذين يتسابقون في حضور مجالس العلماء، وهم في أغلبهم من علماء أندونسيا، الذين تلقوا علومهم الإسلامية في بعض الدول العربية، كما تستضيف الدولة بعض أهل العلم من خارج أندونسيا ليدلوا بدلوهم في هذا الموسم المبارك، ويُلاحظ تواجد الدعاة بكثافة في تلك البقاع، حيث يتنقلون من مكان إلى آخر داعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وصلاة التراويح في أندونسيا يصليها المسلمون ثمان ركعات في بعض المساجد، وفي بعضها الآخر تصلى عشرون ركعة؛ ولا تلتزم تلك المساجد في أغلبها بختم القرآن كاملاً، بل تقرأ في صلاة التراويح ما تيسر من القرآن؛ وقد تتخلل صلاة التراويح أحيانًا كلمة وعظ، أو درس ديني. كما يلتزم البعض من المصلين خلال الليالي الفضيلة، سنة الاعتكاف في المساجد فلا يخرجون منها؛ ابتغاء مرضاة الله، وطلبًا لثوابه. والمسلمون الأندونسيون حريصون كل الحرص على الالتزام بتعاليم الإسلام، وتطبيق أحكامه، لأجل هذا فهم يسارعون في الخيرات، ويتسابقون في الطاعات، فيقيمون موائد الإفطار للفقراء والمساكين ويدعونهم إليها، ويحتفلون بهم كل الاحتفال، كما يسارع الجميع لإخراج صدقة الفطر، بشكل فردي أو عن طريق تقديمها للجمعيات الخيرية، التي تتولى توزيعها على الفقراء والمساكين مواساة لهم، وقضاءً لحاجتهم، وإدخالاً للفرحة إلى قلوبهم.