يعرف العمل التطوعي في شهر رمضان الكريم إقبالا كبيرا من قبل البليديين، وكل حسب طاقته، ومن بين مظاهر هذا الإقبال على مساعدة المحتاجين، توجه السيدات وربات البيوت للمشاركة في إعداد وجبات مطاعم الرحمة، كما أن الأمر لم يعد يقتصر عليهن، بل تعدّاه إلى الطلبة والطالبات الذين فضلوا تخصيص وقتهم في رمضان من أجل المساعدة في إنجاح كل مائدة فطور تقدم إلى العائلات المعوزة وعابري السبيل باتت الجمعيات الخيرية الناشطة بمدينة الورود تحصي مع مرور كل سنة ارتفاعا في عدد المنظوين تحت لوائها حتى ولو كان الأمر في بعض الأحيان ظرفيا ويقتصر على شهر رمضان الكريم، وهو ما حدثتنا عنه عضوة في جمعية الإرشاد والإصلاح والتي قالت لنا بشأنه إن خروج سيدات من بيوتهن من أجل التوجه نحو العمل الخيري صار أمرا مكرّسا في العائلات البليدية التي باتت تتنافس من أجل مساعدة المعوزين، ومن ثمة ارتفع عدد المشاركات في تحضيرات موائد الإفطار التي تقيمها الجمعية إلى 26 سيدة بعد أن كان العدد السنة المنصرمة 18 سيدة فقط. أما عن نظام العمل فهو يتمثل في تكوين أفواج من أجل ضمان استمرارية مشاركة السيدات. محدثتنا أضافت قائلة “إن الأمر لا يقتصر أيضا على السيدات بل حتى على طالبات الثانويات والجامعة، حيث توكل لهذه الفئة أعمال تصب في صالحها في غالب الأحيان وترمي إلى إكسابهن مهارات يستفدن بها مستقبلا”. وهنا تحدثت إلينا نوال طالبة في السنة الثانية من التعليم الثانوي، والتي قالت لنا إنها تقدمت من الجمعية بطلب من والدتها وأنها لم تكن تود ذلك، إلا أن الأجواء العائلية التي وجدتها بعد ذلك في مطبخ المطعم جعلتها تداوم على الحضور والمساهمة في أعمال المطبخ حتى وإن كانت مهمتها تقتصر على غسل الخضار وتقطيعها “بالرغم من ذلك فقد استفدت من أشياء كثيرة، ففي البيت أنا وأمي ندخل في صراعات من أجل تعلم أصول الطبخ، إلا أنني هنا أتعلم الكثير.. حتى إن والدتي لمست فيّ تغييرا جذريا وكأني بها لم ترسلني إلى هنا من أجل المساعدة فقط، وإنما من أجل ترويضي على أشغال المطبخ”. وحتى و إن كانت هذه هي النية المبيتة لوالدة نوال التي وجدت طريقة جيدة للتعامل مع ابنتها المراهقة، إلا أنها أسهمت بشكل ما في غرس ثقافة مد يد المساعدة للمحتاجين في هذا الشهر الكريم لدى ابنتها، التي تكون قد تعلمت من خبرات غيرها من السيدات اللواتي واضبن على هذا المنوال منذ سنوات، حيث تحصي جمعية الإرشاد والإصلاح عددا من النسوة الوفيات لعملهن الخيري منذ أكثر من 7 سنوات كاملة. وغالبا ما يكون الحديث عن الأجواء السائدة في مثل هذه المطاعم مرتبطا بأجواء عائلية حميمة تنتهي عشية كل يوم قبل موعد الإفطار بسويعات قليلة، حيث تترك أعمال توزيع الوجبات للرجال وتفضل بذلك النسوة العودة إلى منازلهن بعد أن تنهين واجباتهن كاملة غير منقوصة، من تحضير كل الأطباق التي لا تقل جودتها وتنوعها عمّا تحضرنه في منازلهن، وتعملن بذلك على تحقيق توازن بين عملهن التطوعي وواجباتهن كربات بيوت دون إهمال فرصة الظفر بالحسنات في هذا الشهر الكريم أو التفريط في واجباتهن العائلية.